Connect with us

اقتصاد

الدين والمديونية وإعادة الهيكلة

Published

on

نسيج الديون، مسألة حيوية في الاقتصاد العالمي يتعرّض لها العديد من البلدان، بما في ذلك العديد من البلدان العربية. عملية إعادة هيكلة الديون هي أحد الأدوات الرئيسية المستخدمة لتخفيف عبء الديون واستعادة الاستقرار الاقتصادي. ما هي اهم تجارب البلدان في إعادة هيكلة الديون، والتحدّيات والفرص التي تواجهها؟

تُستخدم عملية إعادة هيكلة الديون من قِبل البلدان المَدينة منذ عقود، مع درجات متفاوتة من النجاح. في الثمانينات من القرن الماضي، عانت العديد من الدول اللاتينية، مثل المكسيك والبرازيل والأرجنتين، من أزمة ديون أدّت إلى موجة من اتفاقيات إعادة هيكلة الديون مع دائنيها. وغالباً ما تضمّنت هذه الاتفاقيات تخفيضاً كبيراً في الدين، وتمديداً لفترة السداد، وخفضاً في أسعار الفائدة، مما سمح لهذه الدول باستعادة الاستقرار الاقتصادي والنمو.

في السنوات الأخيرة، واجهت اليونان والعديد من الدول الأوروبية الأخرى أزمة ديون في أعقاب أزمة الاقتصاد العالمي في العام 2008. خضعت اليونان، على وجه الخصوص، لعملية إعادة هيكلة ديون في العام 2012، والتي تضمّنت تخفيضاً بنسبة 50% في دينها، وتمديداً لفترة السداد، وجرى خفض أسعار الفائدة. بينما ساعدت إعادة هيكلة الديون اليونان في تجنّب التوقّف عن السداد والخروج من الأزمة، ولكنها أدّت أيضاً إلى تكاليف اقتصادية.

إنّ الديون المستحقة على البلدان يمكن أن تشكّل عبئاً كبيراً على الاقتصاد والموارد المالية، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور حاد في الوضع الاقتصادي والاجتماعي. وتشكّل إعادة هيكلة الديون أداة مهمّة لتخفيف هذا العبء وإعادة استقرار الاقتصاد.

ومن بين الفرص التي توفّرها إعادة هيكلة الديون للبلدان المَدينة، هي تخفيف الضغط المالي وتخفيض معدل الفائدة على الديون. بمجرد إعادة هيكلة الديون، يصبح في إمكان البلدان المَدينة دفع مبالغ أقل من الفائدة، وبالتالي توفير الموارد المالية اللازمة للاستثمار في القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.

كما توفر إعادة هيكلة الديون فرصاً لتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين الظروف الاجتماعية. فعندما يتمّ تخفيض الديون وتمديد فترة السداد، يتمّ تحسين إجمالي الموارد المالية، وتوفير المزيد من الأموال للاستثمار في الاقتصاد. وبالتالي، يمكن للبلدان المَدينة تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة، وتحسين الحياة المجتمعية والاجتماعية.

وتوفر إعادة هيكلة الديون أيضاً فرصاً لتحسين العلاقات الدولية وزيادة التعاون. عندما يوافق الدائنون على إعادة هيكلة الديون، يصبح من المرجّح أن يتمّ تحسين العلاقات بين البلدان وتعزيز التعاون في مجالات مختلفة مثل التجارة والاستثمار والثقافة والعلوم.

ومن المهمّ الإشارة إلى انّ إعادة هيكلة الديون عملية معقّدة تحتاج إلى تعاون وتفاهم من الجانبين، وعادة ما تتمّ بين الدائن والمَدين، وتتطلب التخفيف من الشروط التي تمّ تحديدها في عقود الديون السابقة. تمثل هذه العملية فرصة حقيقية للدول المَدينة لإعادة بناء اقتصاداتها، وخلق فرص للتنمية.

على سبيل المثال، في العام 2005، قامت دولة العراق بإعادة هيكلة ديونها الخارجية، وتمّ التوصل إلى اتفاق بين العراق ودائنيها بتخفيض حوالى 80% من قيمة الديون، وتمديد فترة السداد حتى العام 2028. وقد أدّى ذلك إلى تخفيف الضغط على الاقتصاد العراقي وزيادة الإنفاق في البنية التحتية والخدمات العامة.

كما أنّ دولة الأوروغواي في عام 2003 قامت بإعادة هيكلة ديونها الخارجية، ونجحت في تحقيق تخفيضات كبيرة في الديون، وتمديد فترة السداد حتى 30 عاماً. وقد أدّى ذلك إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والتحول إلى اقتصاد يستند إلى الصادرات والاستثمارات الأجنبية.

في النهاية، تمثل إعادة هيكلة الديون فرصة حقيقية للبلدان المَدينة لإعادة بناء اقتصاداتها وتحسين ظروف حياة مواطنيها. يجب على البلدان المَدينة العمل بجد لتحقيق إعادة هيكلة ناجحة للديون، والتأكّد من تخفيف الضغوط المالية وزيادة الإنفاق على البنية التحتية والخدمات العامة. ومن المهم أن تتمّ هذه العملية بطريقة تضمن توازناً بين الواردات والأنفاق.

يشكّل الدين الداخلي في البلدان مكوناً مهمّاً من مكونات الدين العام، حيث يتمثل في المبالغ التي تقترضها الحكومة من المصارف والمؤسسات المالية داخل البلد، وذلك لتمويل المشروعات والبرامج الحكومية، وتحسين البنية التحتية والخدمات العامة.

إنّ الدين الداخلي يُعتبر أحد المصادر الرئيسية لتمويل الحكومات، ويمكن أن يساعد في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة في البلد. كما أنّ الدين الداخلي يُعتبر أحد الأدوات الرئيسية للحكومة في التحكّم في الاقتصاد والتأثير على الأسعار والفائدة.

ومع ذلك، يجب أن تتخذ الحكومات إجراءات واضحة لإدارة الدين الداخلي بشكل فعّال، حتى لا تؤدي إلى تفاقم الدين العام وزيادة الضغط المالي على الحكومة والمواطنين. يتطلب ذلك التخطيط والمتابعة والتحكّم الدقيق في الإنفاق الحكومي وتحقيق التوازن بين الإيرادات والإنفاق.

كما تتطلب إدارة الدين الداخلي أيضاً، توفير بيئة اقتصادية مستقرة وجاذبة للاستثمارات، حيث تتأثر الفائدة المطلوبة على الدين الداخلي بحالة الاقتصاد العام ومستوى الثقة في الحكومة وقدرتها على إدارة الدين العام بشكل فعّال.

تشير الإحصاءات إلى أنّ الدين الداخلي في العديد من الدول النامية يشكّل نسبة كبيرة من الدين العام، مما يعكس مستوى الاعتماد على التمويل المحلي وعدم القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية. وهذا يجعل إدارة الدين امراً دقيقاً.

يوجد العديد من الحجج ضدّ الدين الداخلي في البلدان، حيث يشكّل هذا الدين تحّديًا كبيرًا للحكومات والمجتمعات المحلية، ويمكن تلخيص هذه الحجج بما يلي:

1- زيادة الضغط على الميزانية الحكومية: يزيد الدين الداخلي من الضغط على الميزانية الحكومية، حيث يتوجب على الحكومة سداد الفوائد على الدين المستحقة، والتي يمكن أن تؤثر سلباً على ميزانية الحكومة وتقلّل من قدرتها على تمويل المشاريع والبرامج الحكومية.

2- تأثير سلبي على النمو الاقتصادي: يمكن أن يؤدي الدين الداخلي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث يمكن أن يؤثر على القدرة التنافسية للبلد ويقلّل من استثمارات الشركات والمستثمرين المحليين والأجانب.

3- تأثير على الاستثمار الخارجي: يمكن أن يؤثر الدين الداخلي على الاستثمار الخارجي في البلد، حيث يمكن أن يراوح مستوى الفائدة المطلوبة على الدين الداخلي ما بين مستويات مرتفعة وغير مجزية، مما يقلّل من جاذبية البلد للاستثمارات الخارجية.

4- زيادة الاعتماد على التمويل المحلي: يمكن أن يؤدي الاعتماد الكبير على التمويل المحلي إلى تقليل احتمالية الحصول على تمويل خارجي وزيادة الضغط على المواطنين لتحمّل أعباء الدين العام.

5- تعطيل النمو الاقتصادي المستقر: يمكن أن يؤدي الدين الداخلي إلى تعطيل النمو الاقتصادي المستقر في البلد، حيث يتوجب على الحكومة سداد الديون بفوائد مرتفعة.

انّ خفض الدين الداخلي في البلد يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والمواطنين. ومن بين الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتحقيق ذلك:

1- خفض الإنفاق الحكومي: يمكن للحكومة تقليص الإنفاق على المشاريع غير الضرورية والمكلفة، وتحويل هذه الأموال لتخفيف الدين الداخلي.

2- زيادة الإيرادات: يمكن للحكومة زيادة الإيرادات عن طريق فرض الضرائب على الأغنياء والشركات، وتحويل هذه الأموال لتخفيف الدين الداخلي.

3- تعزيز الاقتصاد: يمكن للحكومة تعزيز الاقتصاد المحلي عن طريق دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وزيادة فرص العمل، وزيادة الإنفاق الحكومي في المشاريع الاقتصادية.

4- تقليص الفائدة: يمكن للحكومة تقليص الفائدة على الديون الحكومية، وبالتالي تخفيف الدين الداخلي.

5- إعادة جدولة الديون: يمكن إعادة جدولة الديون الحكومية، وتمديد فترة السداد وتخفيض الفائدة، وبالتالي تخفيف الضغط على المواطنين وتحفيز النمو الاقتصادي.

باختصار، خفض الدين الداخلي يتطلب إجراءات متعدّدة، ولا يمكن تحقيقها بسرعة. ومن المهم أن تعمل الحكومة والمواطنون سوياً على تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة للجميع.

اقتصاد

البنك الدولي: نمو مرتقب بنسبة 4.7% في اقتصاد لبنان عام 2025

Published

on

أصدر البنك الدولي تقرير “المرصد الاقتصادي للبنان – ربيع 2025” بعنوان “تحوّل في المسار؟”، مشيرًا إلى أن الاقتصاد اللبناني قد يشهد نموًا بنسبة 4.7% في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عام 2025، مدفوعًا بالتقدم المتوقع في تنفيذ خطة حكومية متعددة القطاعات للإصلاح، وتعافي قطاع السياحة، وارتفاع الاستهلاك، إلى جانب تدفقات رأسمالية وافدة رغم محدوديتها.

وأشار التقرير إلى أن هذا النمو المرتقب لا يُخفي واقع الاستقرار السياسي والأمني الهش في البلاد، فضلًا عن استمرار الأزمة المالية غير المعالَجة، والتي ما زالت تعيق تدفّق الاستثمارات الخاصة والتمويل الخارجي الضروريين للنهوض الاقتصادي.

وفي المقابل، عدّل البنك الدولي تقديراته لانكماش الناتج المحلي لعام 2024 إلى 7.1% بدلًا من 5.7%، ما يرفع التراجع التراكمي في الناتج منذ عام 2019 إلى نحو 40%، وهو ما يعكس عمق الأزمة المستمرة.

وبحسب التوقعات، قد يتراجع معدل التضخم في لبنان إلى 15.2% في عام 2025، بافتراض استمرار استقرار سعر الصرف وتراجع التضخم العالمي، في حين يُرتقب أن تؤدي زيادة الإيرادات العامة، وإقرار موازنة متوازنة، إلى تحسين محدود في الإنفاق على الخدمات الأساسية، رغم استمرار الضغوط المالية الكبيرة، ما يتطلب إصلاحات هيكلية أوسع لضمان الاستدامة.

وقال المدير الإقليمي لإدارة الشرق الأوسط في البنك الدولي، جان كريستوف كاريه، إن التطورات السياسية الأخيرة أحيت الزخم نحو الإصلاح، ووفرت فرصة لمعالجة جذور الأزمات المركبة في لبنان، مشددًا على أهمية تبنّي تدابير قابلة للتنفيذ وذات أثر ملموس.

وسلّط التقرير الضوء على المخاطر الناجمة عن حالة عدم اليقين في بيئة التجارة العالمية، لافتًا إلى أن الأثر المباشر على لبنان قد يكون محدودًا نظرًا لانخفاض نسبة الصادرات إلى الأسواق الكبرى، لكنه نبّه إلى احتمال تأثيرات غير مباشرة قد تطال الاستثمار والتضخم والنشاط الاقتصادي عبر القنوات العالمية.

وتناول التقرير تحليلًا مفصلًا لاتجاهات التضخم وسعر الصرف الفعلي الحقيقي، مشيرًا إلى أن تدهور سعر صرف الليرة كان العامل الأبرز خلف موجات التضخم منذ عام 2019. وأوضح أن اتساع الدولرة قد يساهم في استقرار معدلات التضخم مستقبلاً، ولكنها ستبقى أعلى من المتوسط العالمي بفعل عوامل محلية مستمرة.

وتضمّن التقرير “فصلًا خاصًا” يتناول خطة عمل إصلاحية لمدة عام، مستندة إلى خبرات البنك الدولي في لبنان على مدى عقدين، وتتضمن إجراءات مجدية وقابلة للتطبيق تنسجم مع أولويات الحكومة الحالية، بهدف استعادة الاستقرار المالي، وتعزيز ثقة المواطنين، وتأسيس نموذج تنموي اقتصادي جديد ومستدام.

Continue Reading

اقتصاد

تصاعد الصراع الإيراني الإسرائيلي.. ارتفاع في أسعار الذهب

Published

on

انتعش الذهب يوم الثلاثاء، إذ تسبب تنامي الضبابية الجيوسياسية الناجمة عن القتال بين إسرائيل وإيران ودعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإخلاء طهران إلى إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.4 بالمئة إلى 3396.67 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 02:39 بتوقيت غرينتش بعد انخفاضه بأكثر من واحد بالمئة يوم الاثنين.

واستقرت العقود الأمريكية الآجلة للذهب عند 3416.30 دولار.

وقال تيم واترر كبير محللي الأسواق لدى كيه.سي.إم تريد “لا تزال معنويات السوق تتأرجح بين التصعيد والتهدئة فيما يتعلق بالأحداث في الشرق الأوسط، وهذه التحولات في المعنويات ذهابا وإيابا هي ما يقود تحركات سعر الذهب على جانبي مستوى 3400 دولار”.

Continue Reading

اقتصاد

الذهب قرب أعلى مستوى في شهرين.. هذا ما سجله

Published

on

سجلت أسعار الذهب ارتفاعا، خلال تعاملات الاثنين المبكرة، لتقترب من أعلى مستوياتها في شهرين في ظل لجوء المستثمرين لأصول الملاذ الآمن بعدما أثار تبادل القصف المكثف بين إسرائيل وإيران مخاوف من نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقا.

لم يشهد الذهب تغيرا يذكر في المعاملات الفورية مسجلا 3428.89 دولار للأونصة (الأوقية) بحلول الساعة 0508 بتوقيت غرينتش بعد أن بلغ أعلى مستوياته منذ 22 نيسان في وقت سابق من الجلسة.

لكن العقود الأميركية الآجلة للذهب انخفضت 0.1 بالمئة إلى 3448.10 دولار، بحسب بيانات وكالة رويترز.

Continue Reading

Trending