Connect with us

اقتصاد

بيع أصول الدولة أم إعادة هيكلة القطاع العام؟ 

Published

on

برز نقاش حاد في لبنان حول ضرورة إنشاء مؤسسة مستقلة لإدارة أصول الدولة، تشرك القطاع الخاص، لتعزيز الأداء والسماح بزيادة المداخيل وإعادة تكوين الودائع. وقد قابل هذا الطرح تحذير من خطورة «بيع أصول الدولة» و»توريطها في سداد فجوة مالية» ستذهب للأثرياء على حساب «الفقراء والأجيال القادمة». ولكن للأسف، وكما هو الحال في العديد من المواضيع المفصلية في لبنان، فقد تمّ تحريف المفاهيم، فحصل خلط بين مفهوم «الدولة» ومفهوم «القطاع العام» وخلط بين «الأصول» و»القطاعات»، ما أدّى إلى تغييب نقاش جدّي حول هذا الإصلاح.

ويُعتبَر كلٌّ من الأفراد والشركات الخاصة والمجتمع المدني والأهلي جزءاً من الدولة اللبنانية. لذا، تشمل أصول الدولة مباني القطاع العام وأراضيه ومؤسساته، كما تشمل أملاك القطاع الخاص ومؤسّساته من أفراد وشركات. وطبعاً، لم يقترح أحد في لبنان بيع أصول الدولة، بل يجري النقاش حول نقل إدارة أو ملكية بعض أملاك القطاع العام إلى القطاع الخاص، بحيث تبقى هذه الأملاك جزءاً من الدولة اللبنانية. ولعلّ التعبير الأصح هو إعادة هيكلة القطاع العام، أي النظر في حجمه الحالي وتقييم قدرته على تقديم الخدمات الأساسية للمواطن وتحديد كيفية تحسين هذه الخدمات.

كما ينبغي التمييز بين الأصول العامة من جهة والقطاعات الاقتصادية من جهة أخرى. فمثلاً، تُعتبر كهرباء لبنان مؤسسة عامة وتملك أصولاً عديدة مثل معامل الإنتاج والأراضي وشبكة النقل وخطوط التوزيع والمستحقات وغيرها. ولكن كهرباء لبنان تختلف عن «قطاع الكهرباء» الذي يشمل بالإضافة إليها مقدّمي خدمات التوزيع وشركات تدير بعض المعامل وامتيازات مناطقية مثل كهرباء زحلة وكهرباء جبيل والمولدات الخاصة ومزارع طاقة شمسية التي بدأت تظهر أخيراً. وللتمييز، يمكن مثلاً إبقاء إدارة مؤسسة كهرباء لبنان وملكيتها بيد القطاع العام، وهو ما يسمّى عن طريق الخطأ «عدم بيع أصول الدولة»، ولكن في الوقت عينه يتمّ فتح قطاع الكهرباء إلى شركات خاصة تنافس كهرباء لبنان. ويشكّل قطاع الصحافة مثالاً على ذلك، فتلفزيون لبنان والجريدة الرسمية هي مؤسسات عامة تعمل في قطاع الصحافة إلى جانب مؤسسات خاصة، أي بقية التلفزيونات والصحف اللبنانية

وبالعودة إلى لبّ النقاش، يعتمد لبنان حالياً النماذج الاقتصادية التالية:

(1) الاحتكار لصالح مؤسسة عامة: وتحتكر كهرباء لبنان قطاع الكهرباء وأوجيرو قطاع الإنترنت والريجي التبغ والتنباك.

(2) الاحتكار لصالح شركة خاصة: وتحتكر شركتا الاتصالات قطاع الخليوي.

(3) الاحتكار لصالح شركة مختلطة: يحتكر كازينو لبنان، الذي يملك مصرف لبنان حصة فيه، قطاع ألعاب الميسر.

(4) الاحتكار المزدوج لصالح شركة مختلطة: تمارس شركة طيران الشرق الأوسط احتكاراً مزدوجاً على النقل الجوي، بمعنى أنّ الخيار ينحصر بينها وبين شركة أجنبية أو شركتين على كل وجهة سفر.

(5) منافسة بين شركات خاصة في ظلّ تدخّل كبير من القطاع العام: حمى المصرف المركزي (العام) القطاع المصرفي (الخاص) من المنافسة الأجنبية واستحوذ على الجزء الأكبر من توظيفاته ووضع له قوانين تنظيمية صارمة.

(6) منافسة مؤسسات عامة لمؤسسات خاصة: منافسة حافلات النقل العام للباصات الخاصة في قطاع النقل البري والمدارس الرسمية للخاصة في قطاع التعليم والمستشفيات الحكومية للخاصة في قطاع الصحة، إلخ.

(7) منافسة بين شركات خاصة حصراً من دون تدخّل يُذكر: مجمل القطاعات الاقتصادية من سياحة وصناعة وزراعة.

ويمكن الإجماع، أنّ نماذج الاحتكار لصالح مؤسسة عامة أو شركات خاصة أو شركات مختلطة أو التدخّل الكبير للقطاع العام (النماذج 1 إلى 5) لم تعط النتائج المرجوة من ناحية الخدمة الرديئة أو التكلفة المرتفعة أو حتى غياب الشفافية المطلوبة. ومن هذا المنطلق، نشك في أن تنجح مؤسسة مستقلة لإدارة أصول القطاع العام في تعزيز الأداء بشكل كبير إذا استمر الاحتكار في القطاعات المختلفة. ونشك أيضاً بقدرة القطاع العام على إدارة الاحتكارات بشكل فعّال، وذلك لأنّ المشكلة تكمن في مبدأ الاحتكار بحدّ ذاته وليس بالقطاع العام او الخاص.

أما نماذج المنافسة من دون تدخّل حكومي يُذكر (6 و7)، بين مؤسسات عامة ومؤسسات خاصة، أو بين شركات خاصة حصراً، فقد أعطت نتائج أفضل في لبنان، ويمكن أن يُبنى عليها لخدمة جميع المواطنين، ولا سيما الفقراء والأجيال القادمة. ونجحت المنافسة مثلاً في قطاع الصناعات الغذائية في تأمين السلع المرجوة، على الرغم من غياب الكهرباء الذي يعيق الزراعة والصناعة على حدّ سواء. ونجحت المنافسة في إنتاج قطاع سياحي رائد، على الرغم من ارتفاع أسعار تذاكر السفر من وإلى لبنان. ونجحت المنافسة بين المدارس بتأمين مستوى تعليمي مقبول للجميع في معظم الأحيان، وذلك رغم وجود مشاكل في الاتصالات والانترنت. وبالملخص، استطاعت القطاعات المبنية على المنافسة بتأمين السلع والخدمات والوظائف لكافة افراد الشعب اللبناني، على الرغم من إعاقة الاحتكارات العامة والخاصة لعملها.

وتجدر الإشارة، إلى أنّ الانقسام على نماذج المنافسة صحي وطبيعي. فاليسار يفضّل عادة وجود مؤسسات عامة إلى جانب الشركات الخاصة. فهو لا يمانع وجود مدارس ومستشفيات وشركات كهرباء واتصالات وطيران خاصة، طالما استمرت المؤسسات العامة في الوجود وتأمين خدمات للفقراء، مثل المدارس الرسمية والمستشفيات الحكومية وكهرباء لبنان وأوجيرو وطيران الشرق الأوسط. أما الأحزاب التي تميل نحو الحرية الاقتصادية، فهي تفضّل خصخصة المؤسسات العامة، بعد فتح القطاعات على المنافسة والاعتماد على الأسرة أو الجمعيات لتأمين المساعدات الاجتماعية للمحتاجين، مع إمكانية تخصيص برامج حكومية عبر القطاع الخاص. أما النماذج التي تعتمد على الاحتكار، فهي تنتشر في دول ينخرها الفساد، منها من هو اشتراكي ومنها من هو يميني. وتستعمل الحكومات الفاسدة الاحتكارات لتعيين أزلامها وتلزيم المحاسيب، ما يضمن سيطرتها على جميع مفاصل الحكم. فأي قطاع عام نريد للأجيال القادمة؟

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقتصاد

ماذا ينتظر الذهب في 2026؟

Published

on

حقق الذهب هذا العام أكبر قفزة له منذ أزمة النفط عام 1979 وارتفع بنسبة 64%، وسط زيادة الطلب على الملاذ الآمن.

ويعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل منها زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن خاصة في ظل التخوف من السياسة الأمريكية والحرب في أوكرانيا، وكذلك لزيادة الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين، بالإضافة لكون الذهب يشكل تحوطا من التضخم وانخفاض أسعار العملات.

وأشار الاستراتيجي في بنك “أوف أمريكا” مايكل ويدمر إلى أن السبب وراء موجة الشراء الحالية للذهب هو التوقعات بتحقيق المزيد من المكاسب بالإضافة إلى التنويع في المحافظ الاستثمارية في ظل زيادة العجز المالي الأمريكي ومحاولة دعم عجز الحساب الجاري الامريكي وسياسية الدولار الضعيفة.

وتؤكد توقعات المحللين والخبراء استمرار الاتجاه التصاعدي للذهب في العام القادم 2026 مع وجود اختلاف في التوقعات لجهة حجم الارتفاع، إذ يتوقع “مورغان ستانلي” أن يصل سعر الذهب إلى 4500 دولار للأونصة بحلول منتصف 2026، بينما يرجح “جي بي مورغان” أن يكون متوسط الأسعار أعلى من 4600 في الربع الثاني وأكثر من 5000 في الربع الرابع.

أما “ميتال فوكس” من خلال تصريح المدير الإداري فيليب نيومان فتتوقع أن يصل سعر الذهب إلى 5000 دولار للأونصة، وبينت أن زيادة الدعم تنبع من المخاوف بشأن استقلالية الاحتياط الفيدرالي الأمريكي والنزاعات الجمركية والجيوسياسية.

لكن بعض الاقتصاديين كان لديهم توقعات متحفظة، حيث توقع اقتصاديو شركة “ماكواري” أن يكون مستوى الصعود أبطا بحيث ممكن أن يبلغ متوسط الأسعار 4225 دولار في العام 2026 وبالتالي تباطؤ مشتريات البنوك المركزية وتدفقات الأموال لصناديق الاستثمار المتداولة في الذهب العام المقبل.

وفي ظل هذه التوقعات أفاد بنك التسويات الدولية: “بأننا أمام ظاهرة نادرة لم تحدث منذ نصف قرن وهي أن يترافق ارتفاع الذهب مع ارتفاع الأسهم الأمر الذي يثير عدة تساؤلات حول الفترة القادمة لاسيما كون شراء الذهب هذا العام كان تحوطا ضد التصحيحات الحادة المحتملة في سوق الأسهم إلا أنه وبحسب محللين فإن الخطر لازال قائما حيث غالبا ما تجبر التصحيحات الحادة في أسواق الأسهم بيع أصول الملاذ الآمن”.

Continue Reading

اقتصاد

“بوليتيكو” تكشف تفاصيل جديدة عن العبء المالي على أوروبا في دعم أوكرانيا

Published

on

كشفت تقارير صحفية أوروبية عن تفاصيل مالية جديدة للخطة التي اتفق عليها قادة الاتحاد الأوروبي لتقديم دعم مالي ضخم لأوكرانيا بعد تعثر مصادرة الأصول الروسية المجمدة.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “بوليتيكو” فإن الاتحاد الأوروبي سيلتزم بموجب هذه الخطة بسداد فائدة سنوية تصل إلى 3 مليارات يورو من ميزانيته العامة على قرض سيتم إصداره لصالح كييف.

وأشار التقرير، الذي استند إلى مصادر رفيعة المستوى في المفوضية الأوروبية، إلى أن دافعي الضرائب في الاتحاد الأوروبي سيضطرون إلى دفع ثلاثة مليارات يورو سنويا كفائدة على القرض، الذي سيكون جزءا من خطة لزيادة الديون المشتركة لتمويل الدفاع الأوكراني.

وسيتم البدء في سداد هذه الفوائد اعتبارا من عام 2028، وسيتم سدادها من الميزانية العامة للاتحاد، والتي يتم تمويلها إلى حد كبير من مساهمات الدول الأعضاء.

وتأتي التفاصيل الجديدة يوم واحد فقط من إعلان نتائج قمة الاتحاد الأوروبي التي اختتمت أعمالها يوم الجمعة الماضي، حيث وافق القادة على توفير قرض لأوكرانيا بقيمة 90 مليار يورو، ليتم تمويله مباشرة من ميزانية الاتحاد، بعد أن فشلوا في التوصل إلى إجماع حول خطة مثيرة للجدل تشمل استخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان أو مصدر للتمويل.

وعبرت ثلاث دول أعضاء وهي هنغاريا وسلوفاكيا والتشيك، عن معارضتها وقررت عدم المشاركة في ضمان هذا القرض. وعلق رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان على الخطة، قائلا: “لا أحد ينوي سداد هذا القرض، وبالتالي فإن الفوائد وأصل الدين سيدفعها أطفال وأحفاد من قدموه”.

وأدى الاتفاق إلى استبعاد احتمال استخدام أرباح الأصول الروسية المجمدة، والتي تقدر قيمتها بين 185 و210 مليار يورو، ضمن ما كان يسمى بـ”قرض التعويضات”. وكانت موسكو قد وصفت هذه المقترحات بأنها “منفصلة عن الواقع”، وحذرت من أن أي مصادرة للأصول “لن تمر دون رد وستكون لها عواقب وخيمة للغاية”.

من جهته، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس فكرة مصادرة الأصول بأنه عملية نهب وسطو، وحذر من أنها قد تؤدي إلى خسائر مباشرة تتعلق بالأسس الجوهرية للنظام المالي العالمي الحديث. 

Continue Reading

اقتصاد

المركزي الروسي يرفض سحب دعاويه القضائية بشأن الأصول المجمدة

Published

on

أكدت رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نبيولينا، رفض سحب الدعاوى القضائية ضد المؤسسات الأجنبية بشأن حظر الأصول الروسية، رغم قرار الاتحاد الأوروبي بعدم مصادرتها حاليا.

وردا على سؤال حول ما إذا كان البنك المركزي الروسي ينوي سحب دعواه ضد “يوروكلير” وتليين موقفه تجاه الدعاوى ضد البنوك الأوروبية، قالت نبيولينا في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس الإدارة: “لا، لا ننوي سحب دعاوينا في الوقت الحالي”.

وأضافت رئيسة البنك المركزي أن المجلس يفكر أيضا في إمكانية الدفاع عن مصالحه في ولايات قضائية أجنبية، قائلة: “أود أن أقول إننا نفكر في إمكانية حماية المصالح أيضا في المحاكم والتحكيم الدوليين، مع التنفيذ اللاحق لقرارات هذه المحاكم في دول أخرى”. وأشارت إلى أن كيفية تنفيذ قرار المحكمة وتعويض الضرر ستتحدد بعد صدور القرار ودخوله حيز النفاذ القانوني.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع قد جمدت حوالي 300 مليار يورو من الأصول الروسية، يُحتفظ بحوالي 180 مليار يورو منها لدى المنصة البلجيكية “يوروكلير”.

ولم يتمكن قادة الاتحاد الأوروبي سابقا من الاتفاق على مصادرة هذه الأصول لصالح أوكرانيا تحت مسمى “قرض تعويضات”، وبدلا من ذلك قرروا تخصيص 90 مليار يورو لكييف على مدى العامين المقبلين من خلال آلية قرض.

وفي 12 ديسمبر الجاري، تلقت محكمة التحكيم في موسكو دعوى من البنك المركزي الروسي ضد “يوروكلير” بقيمة 18.2 تريليون روبل، يشمل هذا المبلغ الأموال المحظورة للبنك وقيمة الأوراق المالية المجمدة بالإضافة إلى الأرباح الضائعة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد سابقا أن روسيا، في حال مصادرة أصولها من قبل أوروبا، ستتمسك بالدفاع في المحاكم وستسعى للعثور على ولاية قضائية مستقلة عن القرارات السياسية. وحذر من أن أوروبا ستتحمل ليس فقط خسائر مادية ومكانة وسمعة في حال المصادرة، بل وسيتعين عليها في النهاية رد ما سلبته.

Continue Reading

exclusive

arArabic