Connect with us

اقتصاد

مَن يشعل نار الانهيار تحت أقدام المصارف و”صيرفة” بعد استئناف عملهما؟

Published

on

لم يكد يجفّ حبر بيان جمعية المصارف الذي أعلنت فيه فك الإضراب وفتح أبوابها أمام عملائها، في بادرة إيجابية تلتقي مع بيان مصرف لبنان الذي أعلن عن إعادة تنشيط منصة “صيرفة”، حتى بانت في الأفق ملامح حراك إعتراضي في الشارع ملتبس في التوقيت والأهداف، بدأت مقدماته تتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي، داعية الى التظاهر والاعتصام أمام إدارات المصارف بداية، ومن ثم أمام مصرف لبنان.

في الأسبوعين اللذين سبقا ذلك، كانت المصارف مقفلة، ومنصة “صيرفة” التي تساعد في كبح جماح الدولار مكبّلة بسبب توقف العمليات المصرفية، والدولار في صعود جنوني كانت ذروته الثلثاء الماضي حين ارتفع 25% خلال 24 ساعة فقط، وأسعار المواد الغذائية “نار وشاعلة”، وجداول لأسعار مبيع المحروقات لا يكاد يصدر أحدها إلا تتجدد المطالبة بجدول أسعار جديد. أمام كل هذا الإنهيار المريع، وانكشاف الضعف المتزايد للإقتصاد والليرة، وغياب شبه كلي للدولة والحكومة عن تهدئة الأمور أو تبريدها، لم يتحرك الشارع، ولم تُقطع طريق إلا مرة واحدة في الشمال لمدة 40 دقيقة فقط، ليتفشى السؤال الطبيعي: أين الناس؟

فجأة، وبعد تدخّل مصرف لبنان بقوة عبر “عضلات صيرفة”، واستئناف المصارف عملياتها، والتمكن من ليّ ذراع الدولار بنسبة 25% تقريبا، تحرك الشارع بعد سبات، وعاد المعترضون الى رفع الصوت وممارسة التهديد والوعيد بإحراق فروع المصارف ومقارها، وكذلك مصرف لبنان.

فجأة ايضا، وباستغراب معظم المتابعين لأزمة المصارف وحراك المودعين، إستيقظت جمعيات تدّعي النضال لاسترجاع أموال المودعين، والدفاع عن حقوقهم وجنى أعمارهم، وبدأت حملة اعتراض منظمة امام فروع بعض المصارف، حيث أُحرِقت واجهات بعضها، وتم تكسير الصرافات الآلية فيها، وتهديد موظفيها، وكذلك مهاجمة مصرف لبنان ورشق مبناه المركزي في الحمرا بالحجارة وعبوات المولوتوف.

على أحقية المطالب الشعبية، ومرارة الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، ثمة أسئلة تتبادر الى الاذهان: مَن يشعل الشارع؟ مَن يطفىء محركات هذه الجمعيات، ومَن يعيد إدارتها مجددا؟ مَن يحقنها بإبر الصمت والسكوت والهدوء والإنتظار؟ ومتى كانت المصلحة السياسية أو “الدولارية” تقتضي ذلك؟ ومَن يشحن طاقة شبابها وشاباتها بمصل النضال المطلبي والعنف الثوري أحيانا، متى انتفت المصالح المذكورة آنفا؟

لماذا الإعتراض أمام المصارف ومصرف لبنان فقط؟ ولِمَ ليس أمام المقار والوزارات الحكومية؟ كما فعل المتقاعدون مثلا، أي عند الدولة التي تتحمل هي أيضا مسؤولية كبيرة عن الإنهيار. ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ حيث بدا للمتابعين، على عكس ما ساد أخيرا في الأوساط الإعلامية والمالية، أن مصرف لبنان والمصارف، قادران في حال منحهما الفرصة والوقت اللازم على السيطرة ولو جزئيا على كرة ثلج الإنهيار، عبر سلاح “صيرفة”، ومنع السقوط السريع نحو القاع الأخير، ويمكنهما المحافظة نسبيا على استقرار الأسواق ريثما تنجلي نتائج الخطط الإقتصادية والمالية للحكومة، والمشاريع العتيدة لتمويل الإنقاذ والنهوض، وعودة انتظام عمل الدولة في حال تمكن النواب من انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة.

الإستفسارات عدة، لكن السؤال الأهم والأخطر في هذا المسلسل المضجر، والذي بات لزاما طرحه وعدم الإختباء خلف العبارات والزوايا المدوّرة هو، أي السؤال: من يريد إقفال المصارف مجددا؟ من يضغط على جمعية المصارف للعودة الى الإضراب وإقفال أبواب مصارفها؟ مَن يزيد من تهديدها وإحراجها للدفع بها نحو الخروج من السوق؟ لمصلحة من تعمل تلك الفرق المتنقلة أمام أبواب المصارف ومصرف لبنان كلما لاحت في الأفق بادرة أمل إيجابية ومفيدة للناس والإقتصاد؟ من يموّل حراك هذه الجمعيات ومصاريف تنقّل أعضائها، ومن يدفع ثمن مستلزمات التظاهر وعتادها؟ من مكبرات الصوت واللافتات، إلى “الفرقيع” الغالي الثمن، والذي يوجه مباشرة إلى المباني المستهدفة لإحراقها أو التسبب بأضرار فيها، وإلى القوى الأمنية كذلك، التي بالمناسبة يتعرض عسكريوها لخطر حقيقي من جرائها.

من يريد للمصارف أن تنكفىء خلف بشاعة أبواب الحديد التي تحمي موظفيها بها مرغمة؟ ومن يسعى لتوقف العمليات المصرفية كليا، وخصوصا عمليات “صيرفة” كما يصرح بعض المتظاهرين علنا؟ ومن يستدرج المؤسسات المصرفية ليضعها بمواجهة مباشرة مع الناس؟
في سيناريو مقلق وغير مريح، يخاف كثيرون من استمرار هذه الإستهدافات المبرمجة، من قِبل جمعيات ومجموعات قليلة العدد وغير متفقة أو متماهية مع معظم جمعيات الدفاع عن حقوق المودعين. وبين هؤلاء من يعتبر أن تصرفات أفراد هذه المجموعات في الشارع مشبوهة المصدر والتمويل والأهداف، ولا يؤيد سلوكها وخطابها بالكامل، ويدعو الأجهزة الأمنية للمبادرة الى فتح تحقيق في خلفياتها، ومعرفة دوافعها الفعلية، والأهم كشف مموليها ومحركيها درءا للخراب الآتي منها وحماية لما تبقّى.

ما حصل مع المصارف منذ نشوء الأزمة المالية حتى اليوم أفضى إلى إجماع على قناعتين. الأولى، أن أي إقفال قسري للمصارف، أكثر من سيدفع ثمنه هو المواطن اللبناني، غلاءً في سعر صرف الدولار، وتزايداً مريعاً في سقوط الليرة، ونمواً غير صحي للتضخم. والثانية، أن الضغط المفرط قد يولّد الإنفجار، وتاليا ليس في مصلحة المودعين تدمير المصارف وإفلاسها وإخراجها تاليا من السوق، حيث حينها لن يجد أيّ من المودعين باباً ليطرقه مطالبا بما تبقّى له من وديعته، لأن المسؤولية ستؤول حتماً إلى الدولة، التي يعلم اللبنانيون عموما، والمودعون خصوصا، بالتجربة، وبالواقع التاريخي والحالي، مدى “اهتمامها” و”جديتها” في معالجة أزمات ناسها، وحماية مواطنيها.

واذا كانت بعض جمعيات المودعين تستنكر ما حصل أمس من عمليات تخريب ضد المصارف وتسأل عمن يمول هؤلاء للنزول الى الشارع، وما اذا كان المطلوب دفع المصارف الى التذرع بالاعتداء عليها لتعود وتقفل ابوابها او تعلن افلاسها، تسأل مصادر مصرفية عن توقيت الهجوم على المصارف وتحطيم واجهاتها وماكينات السحب الآلي، وتهديد سلامة الموظفين والزبائن في آن؟ وتقول: “لماذا لم نرَ هؤلاء عندما وصل الدولار

الى مستويات غير مسبوقة، وعندما كانت المصارف في حالة اضراب؟”. وإذ سألت عما اذا كان المطلوب اقصاء المصارف عن المشهد، لإتمام اعمال “صيرفة” خارج المصارف حيث الرقابة معدومة على حركة شراء الدولار من مصرف لبنان، وتصبح عمليات التبييض والمضاربات على الليرة مباحة من دون الحد الأدنى من الحوكمة والشفافية، دعت المصادر المصرفية الاجهزة الامنية الى كشف ما يجري والتحقيق في ما اذا كان ثمة مخطط مشبوه من جمعيات تتلطى وراء المطالبة بالودائع، ومَن يقف وراءها وما هي أهدافها الحقيقية؟

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقتصاد

ماذا ينتظر الذهب في 2026؟

Published

on

حقق الذهب هذا العام أكبر قفزة له منذ أزمة النفط عام 1979 وارتفع بنسبة 64%، وسط زيادة الطلب على الملاذ الآمن.

ويعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل منها زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن خاصة في ظل التخوف من السياسة الأمريكية والحرب في أوكرانيا، وكذلك لزيادة الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين، بالإضافة لكون الذهب يشكل تحوطا من التضخم وانخفاض أسعار العملات.

وأشار الاستراتيجي في بنك “أوف أمريكا” مايكل ويدمر إلى أن السبب وراء موجة الشراء الحالية للذهب هو التوقعات بتحقيق المزيد من المكاسب بالإضافة إلى التنويع في المحافظ الاستثمارية في ظل زيادة العجز المالي الأمريكي ومحاولة دعم عجز الحساب الجاري الامريكي وسياسية الدولار الضعيفة.

وتؤكد توقعات المحللين والخبراء استمرار الاتجاه التصاعدي للذهب في العام القادم 2026 مع وجود اختلاف في التوقعات لجهة حجم الارتفاع، إذ يتوقع “مورغان ستانلي” أن يصل سعر الذهب إلى 4500 دولار للأونصة بحلول منتصف 2026، بينما يرجح “جي بي مورغان” أن يكون متوسط الأسعار أعلى من 4600 في الربع الثاني وأكثر من 5000 في الربع الرابع.

أما “ميتال فوكس” من خلال تصريح المدير الإداري فيليب نيومان فتتوقع أن يصل سعر الذهب إلى 5000 دولار للأونصة، وبينت أن زيادة الدعم تنبع من المخاوف بشأن استقلالية الاحتياط الفيدرالي الأمريكي والنزاعات الجمركية والجيوسياسية.

لكن بعض الاقتصاديين كان لديهم توقعات متحفظة، حيث توقع اقتصاديو شركة “ماكواري” أن يكون مستوى الصعود أبطا بحيث ممكن أن يبلغ متوسط الأسعار 4225 دولار في العام 2026 وبالتالي تباطؤ مشتريات البنوك المركزية وتدفقات الأموال لصناديق الاستثمار المتداولة في الذهب العام المقبل.

وفي ظل هذه التوقعات أفاد بنك التسويات الدولية: “بأننا أمام ظاهرة نادرة لم تحدث منذ نصف قرن وهي أن يترافق ارتفاع الذهب مع ارتفاع الأسهم الأمر الذي يثير عدة تساؤلات حول الفترة القادمة لاسيما كون شراء الذهب هذا العام كان تحوطا ضد التصحيحات الحادة المحتملة في سوق الأسهم إلا أنه وبحسب محللين فإن الخطر لازال قائما حيث غالبا ما تجبر التصحيحات الحادة في أسواق الأسهم بيع أصول الملاذ الآمن”.

Continue Reading

اقتصاد

“بوليتيكو” تكشف تفاصيل جديدة عن العبء المالي على أوروبا في دعم أوكرانيا

Published

on

كشفت تقارير صحفية أوروبية عن تفاصيل مالية جديدة للخطة التي اتفق عليها قادة الاتحاد الأوروبي لتقديم دعم مالي ضخم لأوكرانيا بعد تعثر مصادرة الأصول الروسية المجمدة.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “بوليتيكو” فإن الاتحاد الأوروبي سيلتزم بموجب هذه الخطة بسداد فائدة سنوية تصل إلى 3 مليارات يورو من ميزانيته العامة على قرض سيتم إصداره لصالح كييف.

وأشار التقرير، الذي استند إلى مصادر رفيعة المستوى في المفوضية الأوروبية، إلى أن دافعي الضرائب في الاتحاد الأوروبي سيضطرون إلى دفع ثلاثة مليارات يورو سنويا كفائدة على القرض، الذي سيكون جزءا من خطة لزيادة الديون المشتركة لتمويل الدفاع الأوكراني.

وسيتم البدء في سداد هذه الفوائد اعتبارا من عام 2028، وسيتم سدادها من الميزانية العامة للاتحاد، والتي يتم تمويلها إلى حد كبير من مساهمات الدول الأعضاء.

وتأتي التفاصيل الجديدة يوم واحد فقط من إعلان نتائج قمة الاتحاد الأوروبي التي اختتمت أعمالها يوم الجمعة الماضي، حيث وافق القادة على توفير قرض لأوكرانيا بقيمة 90 مليار يورو، ليتم تمويله مباشرة من ميزانية الاتحاد، بعد أن فشلوا في التوصل إلى إجماع حول خطة مثيرة للجدل تشمل استخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان أو مصدر للتمويل.

وعبرت ثلاث دول أعضاء وهي هنغاريا وسلوفاكيا والتشيك، عن معارضتها وقررت عدم المشاركة في ضمان هذا القرض. وعلق رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان على الخطة، قائلا: “لا أحد ينوي سداد هذا القرض، وبالتالي فإن الفوائد وأصل الدين سيدفعها أطفال وأحفاد من قدموه”.

وأدى الاتفاق إلى استبعاد احتمال استخدام أرباح الأصول الروسية المجمدة، والتي تقدر قيمتها بين 185 و210 مليار يورو، ضمن ما كان يسمى بـ”قرض التعويضات”. وكانت موسكو قد وصفت هذه المقترحات بأنها “منفصلة عن الواقع”، وحذرت من أن أي مصادرة للأصول “لن تمر دون رد وستكون لها عواقب وخيمة للغاية”.

من جهته، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس فكرة مصادرة الأصول بأنه عملية نهب وسطو، وحذر من أنها قد تؤدي إلى خسائر مباشرة تتعلق بالأسس الجوهرية للنظام المالي العالمي الحديث. 

Continue Reading

اقتصاد

المركزي الروسي يرفض سحب دعاويه القضائية بشأن الأصول المجمدة

Published

on

أكدت رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نبيولينا، رفض سحب الدعاوى القضائية ضد المؤسسات الأجنبية بشأن حظر الأصول الروسية، رغم قرار الاتحاد الأوروبي بعدم مصادرتها حاليا.

وردا على سؤال حول ما إذا كان البنك المركزي الروسي ينوي سحب دعواه ضد “يوروكلير” وتليين موقفه تجاه الدعاوى ضد البنوك الأوروبية، قالت نبيولينا في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس الإدارة: “لا، لا ننوي سحب دعاوينا في الوقت الحالي”.

وأضافت رئيسة البنك المركزي أن المجلس يفكر أيضا في إمكانية الدفاع عن مصالحه في ولايات قضائية أجنبية، قائلة: “أود أن أقول إننا نفكر في إمكانية حماية المصالح أيضا في المحاكم والتحكيم الدوليين، مع التنفيذ اللاحق لقرارات هذه المحاكم في دول أخرى”. وأشارت إلى أن كيفية تنفيذ قرار المحكمة وتعويض الضرر ستتحدد بعد صدور القرار ودخوله حيز النفاذ القانوني.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع قد جمدت حوالي 300 مليار يورو من الأصول الروسية، يُحتفظ بحوالي 180 مليار يورو منها لدى المنصة البلجيكية “يوروكلير”.

ولم يتمكن قادة الاتحاد الأوروبي سابقا من الاتفاق على مصادرة هذه الأصول لصالح أوكرانيا تحت مسمى “قرض تعويضات”، وبدلا من ذلك قرروا تخصيص 90 مليار يورو لكييف على مدى العامين المقبلين من خلال آلية قرض.

وفي 12 ديسمبر الجاري، تلقت محكمة التحكيم في موسكو دعوى من البنك المركزي الروسي ضد “يوروكلير” بقيمة 18.2 تريليون روبل، يشمل هذا المبلغ الأموال المحظورة للبنك وقيمة الأوراق المالية المجمدة بالإضافة إلى الأرباح الضائعة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد سابقا أن روسيا، في حال مصادرة أصولها من قبل أوروبا، ستتمسك بالدفاع في المحاكم وستسعى للعثور على ولاية قضائية مستقلة عن القرارات السياسية. وحذر من أن أوروبا ستتحمل ليس فقط خسائر مادية ومكانة وسمعة في حال المصادرة، بل وسيتعين عليها في النهاية رد ما سلبته.

Continue Reading

exclusive

arArabic