Connect with us

اقتصاد

هكذا فقط تعود أموال المودعين

Published

on

سنوات عدة مرّت على الانهيار الاقتصادي الكبير، ولبنان لا يزال يبحث عن العلاج المجهول – المعلوم الذي كلما تأخّر أكثر كلما ارتفعت كلفته وانخفض مردوده.

بما انّ اللبنانيين باتوا من «مُدمني» سياسة الانتظار، فإنهم ينتظرون في هذه المرحلة انتخاب رئيس الجمهورية لعله يحمل معه سُلّم الصعود من الهاوية.

الا ان الواقعية تستوجب الاعتراف بأنّ الانتخاب في حد ذاته لا يكفي وحده للإنقاذ، وإن يكن واحداً من متطلباته، ذلك أن الازمة المركبة تتطلب معالجة متعددة الأبعاد، يتكامل فيها السياسي مع الاقتصادي والمالي والاجتماعي.

وعلى رغم من ان الوقت الثمين يمر مُثقلاً بالضغوط والتحديات التي تتطلب مواجهة مدروسة، غير أن الدولة لم تنتقل بعد من مربّع إدارة الازمة الى حلها بسبب استمرار الخلافات حول «خطة التعافي» المعلقة.

ويؤكد وزير الاقتصاد السابق رائد خوري لـ«الجمهورية» انّ «الدولة تتملّص من مسؤولياتها وترفض الاعتراف باستدانة الأموال من مصرف لبنان المركزي والمصارف على مدى سنوات، بل تقدم أرقاماً مموّهة ومشبوهة، عند طرحها لأي حل».

– إذاً، ما هو شكل الحل المنصف؟ وماذا يمكن ان تفعل الدولة حتى تعيد الحقوق الى أصحابها؟

يجيب خوري انّ الوعود الرسمية هي كمَن يشتري «السمك في البحر»، لأنّها لا تسعى إلى خلق «قيمة مضافة» (value creation)، «علماً أنّ الدولة مالكة لموارد قيّمة غير مستغلة»، مشدداً على أن «اكتساب تلك القيمة المضافة يكمن في أن لا تبقى المؤسسات الحيوية في يد الدولة التي لا تعرف كيف تديرها وتستثمرها».

ويؤكد خوري انّ نقل إدارة تلك المؤسسات إلى القطاع الخاص سيرفع مردودها، وسيبعد عنها شبح الفساد والهدر وقلة الكفاية وكذلك التوظيف السياسي، «وهناك الكثير من المؤسسات التي يمكن أن تسري عليها هذه القاعدة، ومن بينها مرفأ بيروت على سبيل المثال».

وفي معرض تشريح التفاصيل حتى لا تبقي مقاربته نظرية، يوضح خوري ان قيمة المرفأ وما يحويه من مساحات ومنشآت تمتد على مساحة مليوني متر مربّع، تقدّر راهناً بنحو 10 مليارات من الدولارات في أحسن الحالات، «لكن إذا تم تأهيله وتحويله منطقة تجارية وسياحية متقدمة يديرها القطاع الخاص، من المؤكد انّ قيمته سترتفع نحو 5 أضعاف عما هي عليه حالياً». ويلفت الى ان المطلوب خَصخصة 49 % من المرفأ بأسلوب شفاف ومُحوكَم، الأمر الذي سيرفع حصة الدولة إلى 25 مليار دولار من الـ51 % المتبقية، «وهذا طبعاً أفضل من امتلاك 100 % من المرفأ بقيمة 10 مليارات دولار فقط».

ويتابع شارحاً الفارق بين الوضع السائد وما يمكن أن يكون عليه: إذا كانت قيمة المتر الواحد هي 5000 دولار، أي ما يعادل 10 مليارات دولار حالياً لكل مساحة المرفأ، فإنّ تطوير تلك المساحة سيرفع قيمتها إلى نحو 50 مليار دولار خلال سنوات، كما يمكن أن تترافق هذه الخطوة مع إدراج شروط واضحة ضمن عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لضمان توزيع الأرباح.

ويشير خوري الى انه يمكن عندها أن يُخصص جزء من المردود المالي لصندوق تعويض المودعين، «كما تجوز الاستفادة من الفائض لتعزيز خدمات الدولة ودفع التنمية قدماً الى الأمام، وهذا المثال ينسحب كذلك على المطار، وقطاع الاتصالات والبريد ومصلحة السكك الحديد وغيرها من المؤسسات».

ويشدد خوري على انه لا يخترع البارود بالنسبة الى ما يطرحه، «وتوجد دول عدة لجأت الى هذا النمط الاستثماري واستطاعت أن تحقق عبره نجاحات باهرة، إذ انّ دبي خلال الثمانينات، كانت غالبية مناطقها صحراء تملكها الدولة ولا قيمة لها، الا انها اتخذت قراراً جريئاً قضى بتمليك الأراضي لممثلين عن القطاع الخاص (مجاناً) بدافع تطويرها، ما جذب الاستثمارات الخارجية ورفع قيمة الاراضي نحو عشرات الأضعاف، بينما الدولة ما زالت مالكة وباتت دبي أكثر ثراءً».

– أين صندوق النقد الدولي من كل هذه الخطة؟ وهل تتطابق أصلاً مع الشروط التي يضعها على لبنان لمساعدته؟

يجيب خوري: «نعم… لأنه وفق هذه المعادلة، الجميع سيخرجون راضين ورابحين على قاعدة Win Win:

الدولة ستستطيع تعزيز إيراداتها ورفع قيمة العقارات والمؤسسات التي تملكها. المودعون سيتمكنون من استعادة أموالهم ولو على المدى الطويل، لكنهم بذلك يضمنون أنهم سيستعيدونها. وصندوق النقد الدولي سيحصل على ضمان لما سيقرضه للبنان من أموال». ويعتبر «انّ هواجس الصندوق حيال خطط مماثلة تنطلق من خوفه من أن تبيع الدولة أملاكها، وبالتالي أن تضيع ضمان القروض التي سيمنحها الى لبنان، «إلا أن اعتماد الخطة التي اقترحها سينعكس نموّاً في الإقتصاد وفي زيادة قيمة إجمالي الناتج المحلّي، كذلك ستربح الدولة مرتين: مرة من ارتفاع قيمة عقاراتها، ومرة ثانية من تحسن إيراداتها عبر عائدات الضرائب التي ستجبيها جرّاء زيادة العمالة وتنشيط الإستثمارات».

ويلفت خوري الى ان افضل رد على هواجس صندوق النقد أو الرافضين لمثل هذا الطرح، يَكمن في ما فعلته دول عدة اعتمدت سياسة إشراك القطاع الخاص في مرافق الدولة ونجحت، «خصوصاً إذا اشترطت الدولة على المستثمرين اقتطاع نسبة من الأرباح وزيادة قيمة العقارات وتحقيق عائدات».

– لكنّ المعارضين لهذا المشروع، يرتكزون في رفضهم له على تجربة لبنان الرديئة والسيئة في إشراك القطاع الخاص في بعض المرافق مثل «ليبان بوست» وقطاع اتصالات الخلوي وغيرهما، فكيف يمكن تطمين هؤلاء؟

يوضح خوري انّ إخفاق التجارب في بعض القطاعات إنما يعود إلى انها لم تكن شفافة، ويحوطها كثير من علامات الاستفهام «والأهم أنه لا يمكن اعتبارها «إشراكاً» للقطاع الخاص مع القطاع العام، لأنّ هيمنة السياسيين عليها وعلى الحصص فيها كانت نافرة، وتفتقر إلى ما يُعرف في عالم الأعمال بـ»حَوكمة الشركات» corporate governance والرقابة الدولية، اللتين تضمنان حقوق الدولة وحقوق سائر المواطنين».

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقتصاد

تثبيت سعر الفائدة على القروض الأولية في الصين

Published

on

قرر البنك المركزي الصيني اليوم الاثنين تثبيت أسعار الفائدة القياسية المرتبطة بالسوق عند نفس مستوى الشهر السابق.

وأعلن المركز الوطني لتمويل “الإنتربنك”، وهي منصة إلكترونية رئيسية للسوق المالية في الصين تابعة لبنك الشعب الصيني، استمرار سعر الفائدة الأولية للقروض ذات العام الواحد عند مستوى 3% وسعر الفائدة على القروض ذات الخمس سنوات والذي تستخدمه الكثير من البنوك كأساس لتحديد فائدة التمويل العقاري عند مستوى 3.5%.

وتعكس أسعار الفائدة الأولية مستويات تكلفة التمويل بالنسبة للأسر والشركات، حيث يعني استمرار الفائدة المنخفضة تقليل الأعباء المالية على المقترضين ودعما أقوى للنشاط الاقتصادي.

ورغم تثبيت أسعار الفائدة على القروض الأولية منذ يونيو الماضي، فإن أسعار الفائدة على القروض الجديدة مازالت تتأرجح عند مستويات منخفضة.

وتظهر أحدث البيانات أن متوسط سعر الفائدة المرجح للقروض الجديدة للشركات في الصين استقر عند حوالي 3.1%، بانخفاض قدره 30 نقطة أساس عن الفترة نفسها من العام الماضي، بينما سجل سعر الفائدة على القروض العقارية الشخصية الجديدة عند حوالي 3.1%، بانخفاض قدره 3 نقاط أساس عن العام الماضي.

وكان مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الصيني قد أكد في وقت سابق من الشهر الحالي أن الصين ستحافظ على سياسة مالية أكثر استباقية وسياسة نقدية مرنة بشكل معتدل خلال العام المقبل.

Continue Reading

اقتصاد

البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية

Published

on

أعلن البيت الأبيض أن الخزانة الأمريكية حصّلت 235 مليار دولار من الرسوم الجمركية منذ بداية العام الجاري.

وجاء هذا الإعلان من البيت الأبيض خلال بث مباشر بمناسبة عيد الميلاد على قناته الرسمية في “يوتيوب”، حيث عرضت قائمة بـ”انتصارات ماجا 2025” بشكل متكرر مع موسيقى “لو-فاي” في الخلفية.

وتعد قيمة إيرادات الجمارك المعلنة في البث المباشر أعلى قليلا من المبلغ الذي ذكرته إدارة ترامب سابقا.

وكانت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية قد أفادت الأسبوع الماضي بأن إيرادات الجمارك التي تم تحصيلها بين تنصيب ترامب في 20 يناير الماضي و15 ديسمبر الجاري بلغت ما يزيد قليلا عن 200 مليار دولار.

ومع ذلك، يظل المجموع أقل من التوقعات، حيث كان وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قد توقع في يوليو الماضي الوصول إلى 300 مليار دولار بحلول نهاية العام.

وتقوم المحكمة العليا الأمريكية حاليا بمراجعة قانونية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.

وبعد توليه منصبه، فرض ترامب رسوما جمركية على السلع من دول متعددة، متذرعا بمخاوف تتعلق بالمخدرات مثل الفنتانيل، والهجرة غير الشرعية، والعجز التجاري.

ولم يتضح بعد موعد صدور قرار المحكمة العليا، وإذا حكمت ضد ترامب، فقد يضع ذلك الاتفاقيات التجارية القائمة موضع تساؤل.

Continue Reading

اقتصاد

الصين توجه صفعة قوية للاتحاد الأوروبي

Published

on

أعلنت وزارة التجارة الصينية اليوم الاثنين اعتزامها فرض رسوم إغراق أولية تصل إلى 42.7% على وارداتها من بعض منتجات الألبان من الاتحاد الأوروبي.

ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجديدة حيز التطبيق اعتبارا من يوم غد الثلاثاء (23 ديسمبر 2025).

وكانت الصين قد بدأت تحقيقا بشأن احتمال وجود إغراق من منتجات الألبان الأوروبية، في أعقاب تحقيقات في واردات لحم الخنزير وردا على الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية.

وستؤثر الرسوم الصينية الجديدة بشكل أساسي على دول مثل إسبانيا وفرنسا وهولندا.

Continue Reading

exclusive

arArabic