Connect with us

اقتصاد

نحو إعادة الاعتبار للسياسة المالية

Published

on

أي حديث عن النهوض والازدهار لا يمكن أن يمرّ خارج إطار إعادة توزيع الموارد وتنمية القطاعات الإنتاجية بشكل تنافسي محلياً وخارجياً، وهذا لا يمكن أن يحصل من دون إعادة الاعتبار للسياسة المالية لتوجيه بوصلة الاقتصاد، بشكل يُفيد الاقتصاد الكلّي

في سنوات الأزمة، برزت لازمة تُردّد على لسان كل سياسي واقتصادي وإعلامي وناشطين في المجتمع المدني، عن ضرورة الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي. لكن لم يفسّر أحد موجبات هذا الانتقال سياسياً ومالياً، ولم يقم أحد بأي مجهود جدي في هذا الاتجاه. واللافت أن مردّدي هذا الكلام، يستندون في كلامهم إلى توصيفات تصبّ بمجملها في أن لبنان يعاني من عجز هائل في الميزان الخارجي للاقتصاد اللبناني، وبشكل خاص عجز الميزان الجاري الذي ينبع أساساً من العجز في الميزان التجاري، أي أنه يستورد ليستهلك، ولا ينتج.

بكلامهم يبدو أن تنمية القطاعات للانتقال نحو الاقتصاد الجديد، هو أمر بديهي. الهدف منها تعديل الاختلال في الميزان الخارجي وتقليص حدّة الاعتماد على الاستيراد الذي يستنزف العملات الأجنبية، في مقابل خفض حدّة انعدام التوازن التاريخي بين الواردات والصادرات. إلا أن هذه التنمية المطلوبة تحتاج إلى استثمار الموارد فيها. وعلى هذا الاستثمار أن يكون مقصوداً وموجّهاً. أي ألا تذهب الموارد المالية إلى القطاعات بشكل «حرّ» كما كانت عليه في العقود الماضية، بل أن تكون موجّهة حيث تريدها الدولة تبعاً لخطط وتقديرات ورؤية واضحة.

الطريقة الأفضل لصنع هذا الأمر تكون من خلال السياسة المالية، التي وحدها ستكون قادرة على تقديم الدعم المالي، المباشر وغير المباشر، بشكل محدّد إلى قطاعات تصنفها الدولة مؤهلة لتحقيق أهداف مبنية على خطط مدروسة. بذلك فقط، نضمن ألا تذهب الموارد نحو القطاعات التي تبحث عن الربح السريع، وهي تكون في العادة قطاعات ريعية.

في الواقع، لا تُترجم السياسة المالية فقط من خلال الإنفاق، أو التمويل المباشر، بل من الممكن أيضاً تطبيقها من خلال السياسة الضريبية، وهي وسيلة غير مباشرة لدعم القطاعات، إذ من الممكن أن تقوم الدولة بإعفاء بعض القطاعات من الضرائب، أو تقديم خفوضات ضريبية، ما يسهم في زيادة معدلات الأرباح الصافية وبالتالي تحفيز الاستثمار في القطاعات المستهدفة.

ومن الطبيعي أن السياسات المالية الموجّهة، يجب أن يسبقها التخطيط الاقتصادي – السياسي، الذي يسهم في تحديد القطاعات التي يجب أن تدعمها السياسات، وهذا من خلال اختيار قطاعات تعطي أعلى مردود مالي واقتصادي واجتماعي مقارنة مع الإنفاق، المباشر منه وغير المباشر. والمردود لا يُقاس فقط على مستوى الأموال التي يدرّها القطاع فقط، على أهميتها، بل أيضاً على المردود الاقتصادي الذي يقدّمه القطاع، من زيادات في حجم الوظائف والتشجيع على الاستثمار، وحتى استبدال الاستيراد حيث يقوم القطاع بالحدّ من خروج العملات الصعبة التي كانت تُستخدم لاستيراد السلع التي باتت منتجة محلياً. لكن كل ذلك يتطلب وعياً سياسياً وقراراً مركزياً لا يبدو متوافراً لغاية الآن.
عملياً، تهدف السياسة المالية إلى دعم القطاعات بعد تحديدها على أساس أن الاستثمار فيها يحقق الجدوى الاقتصادية الأعلى. والاستثمار عبر السياسة المالية يؤتي ثماره بالفعل على القطاعات بحسب الدراسات. وبحسب ورقة صادرة عن صندوق النقد الدولي بعنوان «السياسة المالية والنموّ طويل الأمد»، فإنه على المستوى الجزئي للاقتصاد، يمكن للسياسات الضريبية والإنفاق أن يعزّزا نموّ القطاعات عن طريق زيادة حوافز العمل والاستثمار، وتعزيز تراكم رأس المال البشري، وتعزيز عوامل الإنتاج الإجمالية. على سبيل المثال، يمكن للاستثمار العام الفعال في البنى التحتية أن يعزز إنتاجية جميع الشركات والصناعات، ويمكن لإصلاح ضرائب الدخل الرأسمالي أن يشجع الاستثمار الخاص. واللافت هنا، أن الصندوق يقول ذلك وهو مؤسّسة نيوليبرالية تدعو إلى تقليص دور الدولة إلى أقل قدر ممكن. لكن أصل المسألة أن تدخّل الدولة وتوجيه التمويل والدعم عبرها يمكن أن يحقق دفعة كبيرة للقطاعات الاقتصادية. حتى ولو كان المسار العالمي في العقود الأخيرة ينتصر لتغليب السياسة النقدية على السياسة المالية، بحجّة تقليص دور الدولة «الذي يساهم في ضرب القطاع الخاص»، إلا أن هذا المسار بدأ يتراجع بعض الشيء خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية التي وقعت في عام 2008، وقد تحفّز هذا المسار مع الأزمات المتتالية التي واجهتها الاقتصادات منذ بداية جائحة كورونا.

بالإضافة إلى الاستثمار في البنى التحتية والتمويل المباشر للقطاعات، والتسهيلات الضريبية، يمكن للسياسة المالية أن تلعب دوراً من ناحية أخرى. فبحسب صندوق النقد الدولي إن أحد أهم القنوات لتعزيز الإنتاجية هو من خلال دفع الدولة نحو تحقيق التقدّم التكنولوجي. وهي إحدى الحجج الأساسية لتدخّل الدولة بشكل مباشر في السوق. ومن هنا يمكن للحكومات أن تقدم على الإنفاق على البحث والتطوير بشكل مباشر، أو عبر تقديم حوافز ضريبية تشجّع الإنفاق الخاص على البحث والتطوير. وبالطبع هذا الأمر يحتاج إلى إنفاق متكامل ليس فقط على البحث والتطوير، بل أيضاً على البنى التحتية التي من الممكن أن تسهّل هذا الأمر. فمن الطبيعي أن تطوير التكنولوجيا يحتاج مثلاً إلى وجود الكهرباء بشكل مستمر، وهو ما يحتاج إلى الاستثمار في قطاع الكهرباء. كما يمكن للاستثمار في قطاع التعليم أن يساهم في تقدّم مجالات البحث والتطوير.

من البديهي أن تقوم الدولة اللبنانية بتنمية القطاعات المنتجة بهدف تعديل خفض حدّة انعدام التوازن التاريخي بين الواردات والصادرات

مع ذلك كله، تبقى المشكلة الأساسية كامنة في إمكانية توفير الدولة التمويل لتستطيع أن تبدأ بتخصيص الدعم للقطاعات. هناك احتمالات مستقبلية مفتوحة، خصوصاً منها الاحتمال المرتفع لوجود الغاز في البحر اللبناني. لكن في الوقت الحالي قد تكون التعديلات الضريبية الجذرية مصدراً أساسياً للدخل، بشكل خاص الضرائب على الأرباح، التي تُعتبر ضرائب تنازلية تصيب جميع الأرباح بشكل أفقي. كما أن الضريبة على الثروة، التي طرحها صندوق النقد نفسه، يمكن أن تكون مصدراً أساسياً للتمويل.
في السابق لم تكن السياسة المالية في لبنان، إن وُجدت، هادفة إلى تنمية القطاعات، بل إن ما اتّبع في نهاية التسعينيات، كان الهدف منه جلب الإيرادات من الضرائب على الدخل والاستهلاك. إلا أن مصرف لبنان كان هو من قام بالتمويل الموجّه في الاقتصاد اللبناني، كما كان هو المسؤول عن السياسة النقدية. لذلك كان توجهه يصبّ نحو تغذية قطاعات غير منتجة، مثل قطاع البناء الذي دعمه عبر قنوات عدّة من خلال إقراض المطوّرين العقاريين، وبالتالي تغذية جانب العرض، وتغذية جانب الطلب من خلال سياسة منح قروض الإسكان المدعومة. لكن الوضع اليوم اختلف عن تلك الحقبة، إذ إن مصرف لبنان لم يعد قادراً على فرض أي توجهات في السياسة الاقتصادية بسبب فقدانه للموارد المالية. هذا تطور جعل المسؤولية تقع اليوم على السياسة المالية المرجوة، التي تُسأل عنها الحكومة، لإعادة توجيه الموارد إلى الأماكن التي تراها مناسبة لإعادة ازدهار الاقتصاد.

اقتصاد

ماذا حدث لأسواق إيران وإسرائيل بعد حرب الـ12 يوما؟

Published

on

بعد مرور 40 يومًا على توقف الصواريخ بين إيران وإسرائيل، بدأت تتضح ملامح التأثيرات الاقتصادية المختلفة للحرب التي استمرت 12 يومًا وانتهت في يونيو/حزيران، والتي كبّدت الطرفين خسائر مالية كبيرة، لكن بنتائج متباينة جذريًا.

فبينما دخل الاقتصاد الإيراني في دوامة من الانهيار، أظهرت مؤشرات السوق الإسرائيلية قدرة ملحوظة على التعافي، مدفوعة بهيكل اقتصادي أكثر تنوعًا، ومؤسسات مالية أكثر شفافية، وعلاقات راسخة بالأسواق العالمية.

الاقتصاد الإيراني: خسائر فادحة وعجز عن الاستجابة
قدّرت منصة “إيران واير” الخسائر الإيرانية المباشرة وغير المباشرة بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، في ظل اقتصاد مُثقل أصلًا بالعقوبات والتضخم.

سجّل الريال الإيراني تراجعًا حادًا خلال الصراع، إذ انخفض من 820 ألف تومان للدولار إلى نحو 880 ألفًا، وسط تقلبات حادة وتوقف شبه تام لنشاط تجار العملات بانتظار مؤشرات سياسية خارجية.

كما تدهورت سوق الأسهم الإيرانية بعد إعادة فتحها في 28 يونيو، رغم تدخل البنك المركزي بضخ نحو 60 تريليون تومان (680 مليون دولار)، وفرض قيود صارمة على التداول. ومع ذلك، تراجعت البورصة بنسبة 5% عن مستويات ما قبل الحرب، وخسرت نحو 40% من قيمتها الحقيقية بسبب موجات بيع واسعة وهروب المستثمرين.

بلغت الأزمة ذروتها في 9 يوليو، حين اقتحم مستثمرون غاضبون مبنى بورصة طهران احتجاجًا على خسائرهم.

وفي السياق الأوسع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 10% في يونيو، وتزايدت معدلات البطالة، وسط ما وصفه المسؤولون بـ”الركود العميق”. وشُلّت قطاعات واسعة من الاقتصاد بسبب الانقطاعات المتكررة في الكهرباء والغاز والمياه، ما أدى إلى توقف الإنتاج في معظم القطاعات غير الأساسية.

ويحذر خبراء من دخول إيران في “حلقة مفرغة”، حيث تمنع أعباء الحرب ومشكلات البنية التحتية النمو الاقتصادي المطلوب لتجاوز الأزمة.

إسرائيل: خسائر أقل وانتعاش أسرع
من جهته، أعلن البنك المركزي الإسرائيلي عن خسائر مباشرة بقيمة 12 مليار دولار، مع تقديرات مستقلة تشير إلى أن التكاليف الإجمالية قد تصل إلى 20 مليار دولار.

ورغم ذلك، أظهرت الأسواق الإسرائيلية قدرة ملحوظة على امتصاص الصدمة:

ارتفعت قيمة الشيكل بنسبة 8%، من 3.68 إلى 3.35 شيكل مقابل الدولار.

قفز مؤشر TA-35 بنسبة 12.7%، بينما سجّل مؤشر TA-125 الأوسع نطاقًا ارتفاعًا بنحو 8%.

بلغت الأسواق الإسرائيلية أعلى مستوياتها خلال 52 أسبوعًا في 19 يونيو – اليوم ذاته الذي زعمت فيه وسائل إعلام إيرانية أن صواريخ الحرس الثوري “دمرت” الحي المالي في تل أبيب.

ورغم ارتفاع معدل البطالة مؤقتًا إلى 10% في يونيو، إلا أنه عاد سريعًا إلى 2.9%. وبلغ معدل التضخم 3.3% فقط، مقارنة بـ40.1% في إيران.

وظلت شركات التكنولوجيا ومعظم الصناعات الإسرائيلية تعمل دون انقطاع، حيث بقي نحو 95% من المصانع نشطًا خلال فترة القتال.

وساهم الشفافية الحكومية والإفصاح المالي المستمر – بخلاف الغياب شبه الكامل للأرقام الرسمية من طهران – في استعادة ثقة المستثمرين بسرعة.

بنية الاقتصاد تُحدد مصير ما بعد الحرب
كشفت نتائج الحرب عن التباين العميق في هيكلي الاقتصادين:

تعتمد إيران بشكل أساسي على صادرات النفط وتفتقر إلى قاعدة صناعية متنوعة، كما أنها معزولة عن الأسواق العالمية.

في المقابل، تستند إسرائيل إلى اقتصاد متنوع قائم على الابتكار والتكنولوجيا، ولديها علاقات مالية دولية واسعة.

هذا الفارق البنيوي ساهم في سرعة تعافي الأسواق الإسرائيلية، في وقت تعاني فيه إيران من أزمة متصاعدة وغياب محفزات داخلية قادرة على إحياء النشاط الاقتصادي.

الرواية الإعلامية… واقع مغاير
في حين تحاول وسائل الإعلام الإيرانية التقليل من حجم أزمتها الاقتصادية، مركزة على ما تصفه بـ”الارتباك في الأسواق الإسرائيلية”، تظهر الأرقام والمؤشرات الرسمية أن الرواية مختلفة تمامًا.

وبينما تواجه إيران فترة تعافٍ طويلة ومؤلمة، تبدو إسرائيل في موقع أقوى لإعادة تثبيت استقرارها الاقتصادي، رغم التحديات الأمنية المتواصلة.

Continue Reading

اقتصاد

إرتفاع أسعار اللحوم في أميركا

Published

on

ارتفعت أسعار اللحم البقري إلى مستويات قياسية في الولايات المتّحدة الأميركيّة، حيث بلغ متوسط سعر رطل اللحم المفروم 6.12 دولار، بزيادة 12 بالمئة عن العام الماضي.

كذلك، ارتفعت أسعار كافة شرائح اللحم البقري غير المطهية بنسبة 8 بالمئة.

Continue Reading

اقتصاد

المالية تحوّل أكثر من 5800 مليار ليرة للضمان الاجتماعي

Published

on

أعلنت وزارة المالية، في بيان، انها “بصدد تحويل مساهمة مالية للصندوق الوطني الضمان الاجتماعي بقيمة ٥،٨٢٤،٩٤٢،٦١١،٠٠٠ خمسة آلاف وثمانمئة واربعة وعشرون ملياراً وتسعماية وأثنان وأربعون مليون وستماية وأحد عشر ألف ليرة لبنانية، من موازنة العام ٢٠٢٥ مخصصة بمجملها للمرض والأمومة، بعدما سلكت آلياتها المطلوبة عبر موافقة ديوان المحاسبة.

Continue Reading

Trending