الوزيرة السابقة ندى البستاني امرأة فرضت نفسها في عالم السياسة بعدما دخلتها من باب “الطاقة ” واثبتت نجاحها ووجودها  بشكل فعّال وكانت بالتالي اول امرأة تتبوّأ منصب وزيرة طاقة ومياه في لبنان. وقد تميّزت بالعمل الجاد والمعرفة الوافية بكل ملفاتها.
قيل عنها أنها امرأة صلبة لا تتردد في المواجهة واثبات صواب رأيها والمضي قدماً في الشأن العام حيث أنها اليوم مرشحة التيار الوطني الحر للإنتخابات النيابية عن المقعد الماروني في دائرة كسروان الفتوح وحظوظها بالفوز بحسب إستطلاعات الرأي كبيرةٌ جداً.
تحمل ندى البستاني أجازة في الإقتصاد من الجامعة اليسوعيه وشهادة دراسات عليا في الإدارة من المدرسة العليا للتجارة في باريس حيث عملت في مكتب استشارات ضمن اختصاصها في وضع المشاريع والإستراتيجيات ما ساعدها على تكوين خبرة جيدة اذ كانت مستشارة لعدة شركات دولية وساهمت في وضع وتنفيذ مشاريع واستراتيجيات لها. أما عن كيفية دخولها وزارة الطاقة والمياه التي عملت فيها كمستشاره لمدة تسع سنوات قبل توليها الوزارة فتقول:                   
عندما كنت في باريس قرأت في احدى الصحف اللبنانية ان وزير الطاقة آنذاك جبران باسيل في صدد وضع خطة لقطاع الكهرباء في لبنان ورغبت في المساهمة بذلك خاصةً أن هذا الموضوع يقع في صميم عملي بفرنسا، فتقدمت للعمل في الوزارة وتواصلت مع والدتي وهي مناضلة في التيار لمساعدتي إلا أنها نصحتني بالإتّكال على كفاءتي فقط وهذا ما حدث حين دُعيت لإجراء مقابلة  في الوزارة وتمّ قبولي بعدها وكنت لا اعرف الوزير باسيل في ذلك الوقت.
عبرتي من مساري في وزارة الطاقة والمياه ان الإنسان الذي يتبع طموحه ويصر على تحقيقه لا بد سيصل الى مبتغاه لكنني عملت بكل جهد ولوقت طويل وقد كان الأمر غاية في الصعوبة. كان عمري يومها 27 سنة وعلي اثبات ذاتي وسط مجتمع ذكوري بمعظمه. طوال تسع سنوات من وجودي في الوزارة وخاصةً خلال إستلامي إياها لمدة تسعة أشهر واجهني الكثير من الافتراءات والاخبارات القضائية وقد تجاوبت دائماً مع القضاء وقدمت ملفاتي بكل شفافية ورفعت السرية المصرفية عن حساباتي وكشفتها ما أدى الى حفظ كل تلك الإخبارات بحقّي.
من له الفضل في ما وصلت إليه؟
عملي الكثيف والجهود والعمل المستمر، عائلتي فهي سندي الأول ولها الفضل الكبير بوصولي الى ما حققت، اما الفضل الأكبر فيعود للرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل اللذين أعطوني ثقتهم ويقفان الى جانبي دائماً ويساندوني في قراراتي ويسعيان دائماً الى إنصاف المرأة وتقديرها وإعطائها الفرص والثقة.
 
 
ما هي المميزات التي تتمتعين بها والتي أهّلتك للوصول لما انت عليه الآن؟
العمل بجهدٍ وجدّية.
الإيمان بالوطن وبأن التغيير سيحدث يوماً ما ووفق مبادئنا.
الإيجابيّة وروح التعاون والإنفتاح على الآخر والإستعداد للنقاش والإقناع بالحجّة.
 هل يعود الفضل لعملك؟
الفضل الأول يعود للعمل ولطريقة ممارسة السلطة. عندما اصبحت وزيرة قلت في الإعلام أنني سأكون ايجابية وساعمل واتعاون مع الجميع. لقد كنت وزيرة طاقة ومياه لكل لبنان وليس لمنطقة كسروان أو للتيار الوطني الحر. قمت بتحديث خطة قطاع الكهرباء التي كانت موضوعة في العام 2010 خلال ستة أشهر ووافق عليها الجميع وخاصةً البنك الدولي والجهات المانحة وكنت أطلع ممثلي الدول الكبرى والمنظمات الدوليّة والمجتمع المدني على تقدّم تطبيق هذه الخطة في إجتماعات شهريّة.
هل تشعرين اليوم بخيبة الأمل مع استمرار عدم وجود كهرباء في البلاد؟
أشعر بخيبة أمل من الطبقة السياسية التي استمرت طيلة عشر سنوات بمحاربة خطط واستراتيجيات وزارة الطاقة والمياه فقط لأهداف سياسية ولم تهتم أو تبالي بمصالح الناس وبتأمين أدنى متطلباتهم من ماء وكهرباء وصرف صحّي.
هل تشبه الخطة التي قدمها الوزير الحالي خطتك أم تغيرت؟                            
لقد تغيرت. ان ما يزعجني فعلاً أن المواجهة لا تكون مواجهة تقنية او فنية او مالية بحتة انما لغايات طائفية وفساد مثلاً على ذلك مشروع سلعاتا الذي يعود الى العام 1978 وكنت لم أولد بعد . ان جميع الدراسات التي أجرتها الشركات العالمية ثبّتت موقع سلعاتا كمكان مناسب لإنشاء معمل لتوليد الكهرباء. ما نراه اليوم أن النكد السياسي مستمر عبر محاولات مباشرة وغير مباشرة لإلغاء هذا المعمل تارةً عبر اللعب على الكلام وطوراً عبر الإتفاقات المشبوهة التي تجري وراء الكواليس دون مراعاة للأصول القانونية.
لماذا تم اختيارك للترشح في الانتخابات النيابية على حساب بعض الرفاق في التيار؟
للأسف وضمن الآلية الداخلية المتبعة في التيار لم يترشح أحد غيري. إن التنافس داخل التيار هو تنافس ايجابي ولا أحد يتقدم على حساب أحد بل أن كل شخص يحجز مكانه ومكانته بحسب عمله وتقدمه بالملفات التي يتولّاها. أنا إبنة كسروان الفتوح وأنشط منذ فترة في العمل العام في هذه المنطقة. أسست منذ ما يزيد على السنة جمعية اسمها “لكسروان” وهي جمعية تتعاطى الإنماء الإقتصادي والاجتماعي. تزامن تأسيس الجمعية مع أزمة كورونا لذلك شغل هذا المجال نسبة كبيرة من نشاطها. فعندما تم فتح مستشفى البوار الحكومي وتخصيصه لمرضى كوفيد 19 تطورت الأمور واشتدت أزمة الوباء بحيث لم يعد يتسع للمرضى فاضفنا عليه خمس غرف عناية تتضمن 12 سريراً . كما وزّعنا مستلزمات طبية على مستوصفات كسروان الفتوح حسب الحاجة. إن العمل الإجتماعي وخاصةً خلال الأزمات وعلى الرغم من أهميته لا يمكن يحل مكان الدولة لذلك هدفي في حال وصولي الى الندوة البرلمانية هو تطوير التغطية الإجتماعية والضمان الإجتماعي أحد أعمدتها.        
تعرّضت لحملات على التواصل الاجتماعي والتنمر بالاضافة للاغتيال السياسي لا تنال فقط من أدائك المهني بل من حياتك الشخصية، وكونك امرأة. هل أثرت بك هذه الأمور التهجميه وعلى عملك؟         
لقد عملت في وزارة الطاقة لمدة تسع سنوات وكنت أسمع عبارات الهجوم القاسية على الوزير باسيل وهي عبارات تدل تدنٍ بالأخلاقوبدون وجه حق، لذا عندما عرض علي المنصب الوزاري ترددت كثيرا لكنني تجاسرت واقدمت لأنني أؤمن بعملي واليوم ضميري مرتاح لأني عملت بنظافة وشفافية واديت واجبي كما يجب. لقد قيلت عبارات سيئة عني وعن زوجي وعائلتي وهذا حصل مع الكثير من رفاقي في التيار ولكن في النهاية “ما بيصحّ الا الصحيح”. ان التنمر الذي حصل علينا لم يحقق أهدافه وخاصةً اسكاتنا وعزلنا عن العمل السياسي وعن الناس. سنبقى الى جانب شعبنا نقاسي معه ونعمل على تخفيف آثار الأزمة عليه. اتمنى ان تكون المواجهة بالملفات السياسية وخاصةً بالطروحات البديلة وليس بالأمور الشخصيه .
لقد ضايقتني هذه الحملات في البداية لكنني ما عدت اتأثر بها. كما قلت سابقاً ان الهجوم الشخصي هو دليل ضعف وتدني بالأخلاق. طالبت مراراً وتكراراً بابراز الأدلة والمستندات التي تديننا وأنا مستعدة للمثول أمام القضاء في أي ملف. عندها يسكتون وينكفئون. من وقف معنا بالمطالبة بالتدقيق الجنائي ومن أي مكان يرغبون. هل وقف أحدٌ ممن تهجم علينا؟
ألا تشعرين بالندم على دخولك الشأن العام؟           
لا أبدا انا لا اندم على أمر مضى ولا أستطيع تغييره فأنا لا أضيع وقتي بذلك والقرار الذي اتخذه عادة يعلمني للمستقبل. ان عملي في وزارة الطاقة والمياه تجربة مهمة تعلمت منها الكثير. لقد عملت لفترات طويله لأكثر من 20 ساعه في اليوم وقد عملت واعطيت من كل قلبي وانا مستعده لفتح كل الملفات والتدقيق بها. يجب أن نسعى ليرقى العمل بالشأن العام الى مستوى أحلام وتطلعات الناس وليس إدخاله في الزواريب الانتخابية وتسجيل النقاط.    
لزوجك دوره الكبير الى جانبك فهل تعتقدين انك كنت قادرة على النجاح دون مساندته لك؟
ان الرجل والمرأة يكملان بعضهما وهما بحاجه لبعضهما لا سيما في المجال السياسي. ان المرأة في هذا المجال تحتاج لدعم أهلها وعائلتها. أعتبر أن دور زوجي أساسي جداً في نجاحي وهو يتابع يومياً نشاطاتي ويدعمني ويشارك حين يسمح له وقته وعمله.
كيف استطعت التوفيق بين عملك وعائلتك وواجباتك تجاه طفلتيك؟                  
أساساً أنا احب العمل وأعمل لساعات طويلة وقد اصبح التنظيم لدي روتيناً اذ اخصص الفترة الصباحية لابنتي بحيث اتفرغ كلياً لهما وانا اتابع كل امورهما ولا مشاكل لدي في هذا الشأن.  
 
ما رأيك في موضوع الكوتا النسائية؟
انا من حيث المبدأ ضد الكوتا لأنني أؤمن بقدرة المرأه على المنافسة بنفس مستوى الرجل. ولكن اذا احتاج الأمر في بداية الطريق، وخاصةً في المجتمعات المتحفّظة على دخول المرأة المعترك السياسي، الى تحديد حدّ أدنى لنسبة النساء في الندوة البرلمانية فلا مانع شرط أن يكون ذلك مؤقّتاً.                           
 
ماذا يعني لك عيد الأم؟   
انه أهم عيد وهو يذكرني بأم زوجي ميمي خوري التي توفيت قبل أشهر وقد كانت امرأة مثالية بكل معنى الكلمة. لقد كانت قابلة ناجحة ومعروفة في منطقة المتن وقد أنشأت مستشفى. اما
أمي فهي ايضاً امرأه مناضلة لها فضل كبير علي وعلى اخوتي وانا ادعو لها بطول العمر والبقاء الى جانبي. انها تساندني وهي متفرغه لابنتي حالياً. لقد علمتنا الوفاء وحب الوطن وحب مبادئ ميشال عون.