Connect with us

اقتصاد

نظام تقاسم الإنتاج: الصيغة اللبنانية للتعاقد بين الخصوصية والتقليد

Published

on

وقع اختيار المشرّع اللبناني على نظام تقاسم الإنتاج باعتباره أفضل نظام لاستثمار الثروة البترولية كونه يتلاءم مع الدول الضعيفة مؤسساتياً كما هي الحال في لبنان. إذ يؤمّن بحسب وجهات النظر القانونيّة، المراقبة والمشاركة الفعليّة للدولة اللبنانيّة من خلال إدارتها المباشرة للملف وعدم تسليمه لشركات أجنبيّة. فهو يجذب هذه الأخيرة للإستثمار في القطاع ولكن ليس على حساب حصّة الدولة ومصالحها.

إن الجديد الذي أتت به هذه الصيغة، أنّها جمعت بين نظامي الإمتياز والتعاقد في آنٍ واحد. بحيث أضافت إلى نظام تقاسم الإنتاج المعتمد عنصراً مهماً من عناصر نظام الإمتياز ألا وهو الإتاوة. ففي المبدأ، يشكّل عنصر الإتاوة ركناً من أركان نظام الإمتياز ولكن في بعض الأحيان تقرّر الدول الجمع بين النظامين من خلال إضافة عنصر الإتاوة الى نظام تقاسم الإنتاج. الأمر الذي يدفع بعض المختصّين في الشأن البترولي إلى اعتباره نظاماً مختلطاً. وتبعاً لذلك، تتأمّن عائدات الدولة اللبنانيّة بموجب هذا النظام من خلال عناصر ثلاثة هي الإتاوة، بترول الربح والضرائب.

أولاً: النظام المالي

أ‌- الإتاوة:

وفقاً للمادّة 43 من القانون 132، يتوجّب على الشركات دفع إتاوة للدولة عن جميع كميّات البترول المستخرجة من الحقول المتواجدة في المياه البحريّة. ويعود للدولة خيار استيفاء الإتاوة العائدة لها من البترول المستخرج نقداً أو عيناً على شكل نفط خام ومنتجات بتروليّة أخرى. إذاً، فالإتاوة هي عبارة عن الرسم المحدّد للإستثمار في البلوكات البحريّة، وهو ما يؤمّن للدولة دخلاً منذ اليوم الأوّل من الإنتاج. تحتسب الإتاوة على أساس يومي. فبالنسبة إلى النفط الخام، تحتسب إستناداً إلى نسب تصاعديّة مرتبطة بكميّة النفط المستخرجة يومياً، تمّ تحديدها بالنسبة إلى النفط الخام بمستوى يبدأ من 5% ويرتفع تدريجياً ليصل إلى حد أقصى 12%.

أمّا بالنسبة إلى الغاز الطبيعي، فتكون نسبة الإتاوة نسبة مئويّة ثابتة تمّ تحديدها في العقد البترولي بمستوى 4%. فمن المتعارف عليه، أن نسبة الإتاوة المفروضة على الغاز الطبيعي تكون عادةً ثابتة لأن إنتاج الغاز من الحقول يكون إجمالاً مرتبطاً بإتفاقيات بيع طويلة الأمد، بعكس ما هو معتمد بالنسبة إلى إنتاج النفط الخام فهو غير ثابت إذ يتغيّر خلال مدّة تطبيق الإتفاقيّة أو العقد.

يأخذ موضوع مستوى الإتاوة المقترح على النفط الخام والغاز الطبيعي جدلاً كبيراً بين الأوساط المختصّة والمهتمّة بالشأن البترولي في لبنان، نظراً لأهميّته الكبرى من الناحية الماليّة للدولة.

ويرى المعارضون للنسب المطروحة للإتاوة أنّها نسب منخفضة جداً مقارنة بالمستوى المعتمد في باقي الدول. بحيث لا تقل نسبة الإتاوة المفروضة على الغاز الطبيعي عن 12.5% في شتى أنحاء العالم. مما يعني خسارة لبنان ما لا يقلّ عن 14 مليار دولار في حال كانت مدّة الإتفاقيّة لا تزيد عن 25 عاماً، أمّا في حال كانت مدّة الإتفاقيّة 30 عاماً، أو في حال إرتفعت الأسعار أو مستويات الإنتاج، فإن هذه الخسارة ستكون أكبر.

يدافع مؤيدو مرسوم نموذج الإتفاقيّة (وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول) عن نسب الإتاوة المفروضة على الغاز، بالقول أن الإتاوة تؤذي الإستثمارات في الحقول المتوسطة والصغيرة، وأن الدولة إستعاضت عن مستوى الإتاوة المتدنّي بالتشديد على حصّة الدولة من بترول الربح. فأي إرتفاع في نسبة معيّنة سيؤدّي في المقابل إلى إنخفاض في نسب أخرى، بحيث إذا تم رفع مستوى الإتاوة سوف تقوم الشركات بالتعويض عن ذلك بالمطالبة برفع حصّتها من بترول الربح وبالتالي تخفيض حصّة الدولة منه.

من جهة أخرى، إن عنصر الإتاوة مستوحى من نظام الإمتياز. فبالإضافة إلى العائدات التي تؤمّنها عناصر نظام تقاسم الإنتاج المتمثّلة ببترول الربح والضريبة على الأرباح، تمّت إضافة الإتاوة إلى النظام اللبناني وذلك من أجل تحصيل موارد ماليّة إضافيّة للدولة اللبنانيّة.

في المحصّلة، وبغض النظر عن الإختلاف في وجهات النظر حول مستويات الإتاوة المقترحة ومبرّرات كل طرف، يبقى هذا الموضوع في إطاره التقني. لكن نحن نرى أن الإتاوة لا تمثّل سوى بند واحد ضمن قائمة الأدوات الماليّة للدولة، فتفاعل العناصر المختلفة المكوّنة للنظام هو ما يجب التشديد عليه لتقييم النظام المالي والضريبي اللبناني.

ب‌- بترول الكلفة:

تتحمّل الشركات البتروليّة جميع التكاليف المترتّبة على قيامها بالأنشطة البتروليّة وتسدّدها. فهي تأخذ المجازفة وتعمد الى الإستكشاف في المياه البحريّة اللبنانيّة وتتكبّد التكاليف والنفقات المختلفة. ففي حال أتت نتائج الإستكشاف سلبيّة، تقوم الشركات بإنهاء عملها دون أي تعويض من الدولة، وفي حال أتت النتائج إيجابيّة فمن حقّها إسترداد تكاليفها. إذ يجب تعويض صاحب الحق حصرياً عن التكاليف القابلة للإسترداد التي تكبّدها.

يتم ذلك من خلال حصوله على كميّات البترول المحدّدة كبترول كلفة في العقد البترولي، إذ يجب أن يكون بترول الكلفة محدّداً بنسبة مئويّة من البترول المتاح الذي يوزّع بكامله بين الشركات المستثمرة والدولة. يؤخذ بترول الكلفة على شكل نفط خام، غاز طبيعي أو سوائل الغاز الطبيعي، ويتم إحتساب بترول الكلفة على أساس الكميّات المستخرجة وبما يتناسب مع نسبة مشاركة صاحب الحق في إتفاقيّة الإستكشاف والإنتاج، إذ يخضع تحديده بالإستناد إلى مزايدة.

ج‌- بترول الربح:

بعد تحصيل الإتاوة وعند الإنتهاء من مرحلة إسترداد التكاليف، تأتي مرحلة تقاسم الإنتاج بين الدولة والشركات بحسب مشاركة كل منهما في العقد. يتم تقاسم بترول الربح بين الدولة اللبنانيّة والشركات المستثمرة وفق مقياس متغيّر، يعتمد على العامل «ر» أو ما يسمى factor»R». وهو نوع من العائد الذي يحدّد كيفيّة تقاسم الإنتاج، ويرتبط بالتدفقات النقديّة الواردة التراكميّة فصلياً والنفقات الرأسماليّة التراكميّة فصلياً. ر= التدفقات النقديّة المتراكمة/ نفقات رأسماليّة.

في هذا الإطار، يتم تحديد حصّة الدولة في دورات التراخيص، من خلال عمليّة مزايدة تنافسيّة تقوم بها الشركات وهي غير ثابتة، لكن لا يجب أن تقل عن 30%. فهي مرتبطة بثلاثة عوامل تتمثل بالسعر والإنتاج والتكاليف. إذ إن النظام المالي المعتمد في لبنان هو نظام تصاعدي بحيث كلما إرتفعت أسعار البترول أو ازداد الإنتاج أو انخفضت التكالیف، إرتفعت حصّة الدولة. تبعاً لذلك، فإن حصّة الدولة من بترول الربح في دورة التراخيص الأولى قد تحدّدت على الشكل التالي: في البلوك رقم 4: من 65% إلى 71%. بينما في البلوك رقم 9: من 55% إلى 63%.

ونتيجة لذلك فقد حصّلت الدولة في البلوك 4 ثماني نقاط فوق المعدل المتوسط لمئة دورة تراخيص أخرى جرت حول العالم، كما حصّلت الدولة المستوى العالمي في البلوك 9 مع كل تحدياته الجيوسياسيّة المعروفة، وذلك مقارنة بدول تملك قطاعاً نفطياً ناضجاً ولديها تاريخ في هذا القطاع.

ثانياً: النظام الضريبي

تعتبر جميع الأنشطة والحقوق البتروليّة التي تجرى مزاولتها على الأراضي اللبنانيّة خاضعة للقوانين والأنظمة الضريبيّة. فمن بين الحصّة الكاملة للدولة، تقوم هذه الأخيرة وفي مرحلة تقاسم الإنتاج، بجباية ضريبة على الأرباح التي تجنيها الشركات. بحيث يُحدّد النظام الضريبي المتعلّق بالأنشطة البتروليّة بموجب قانون الأحكام الضريبيّة المتعلّقة بالأنشطة البتروليّة رقم 57 للعام 2017.

حدّد القانون المذكور، معدّل الضريبة على أرباح الشركات بنسبة 20% من النتيجة الخاضعة للضريبة المحتسبة، أي مجموع الإيرادات الناتجة من الأنشطة البتروليّة بعد تنزيل جميع النفقات والأعباء التي تقتضيها مزاولة الأنشطة. على أن تحدّد ضريبة الدخل المستحقّة على الشركات وضريبة التوزيع في قانون إنشاء الصندوق السيادي. هذا بالإضافة إلى فصل خاص متعلق بالضرائب غير المباشرة (كرسم الطابع المالي والضريبة على القيمة المضافة) وبالغرامات التي تطبّق على المخالفات الضريبيّة التي ترتكبها الشركات المستثمرة صاحبة الحقوق البترولية.

كذلك، لا بد من الإشارة إلى أن القانون الضريبي الخاص بالأنشطة البتروليّة، ينص على إمكانيّة إعفاء الشركات من بعض الضرائب المتوجّبة عليها. فالتحدي يكمن في مدى القدرة على التوفيق بين تأمين أقصى منفعة للإقتصاد الوطني، وفي الوقت عينه تأمين بيئة جاذبة للشركات للإستثمار في القطاع البترولي اللبناني إنطلاقاً من «السياسة التحفيزية» التي تنتهجها الدولة في هذا المجال.

على سبيل المثال، فقد أعفى القانون الإنشاءات والتركيبات والمركبات المستخدمة للقيام بالأنشطة البتروليّة الموجودة في المياه البحريّة، من ضريبة الأملاك المبنيّة. وهنا يطرح تساؤل واضح في ما خص هذا الموضوع: بما أن التكاليف كافّة مستردّة فلماذا الإعفاء من الضريبة؟

كما أعفى عمليّة تسليم أو نقل المنتجات البترولية إلى خارج الأراضي والمياه اللبنانيّة من الضريبة على القيمة المضافة مع حق الحسم.

ثالثاً: تقييم النموذج اللبناني للتعاقد

بعد إيجاز سريع للخصائص الماليّة والضريبيّة للنموذج التعاقدي اللبناني، لا بد من إجراء عمليّة تقييم أوليّة لهذا النموذج للنظر في مدى فعاليّته وملاءمته لخصوصية الحالة اللبنانيّة. يبدو في الظروف الراهنة أن ما يُسمّى بنظام تقاسم الإنتاج هو الأنسب، إذ إنّه يؤمّن التوافق بين الحاجة للرساميل والخبرات الأجنبيّة من جهة، وضرورة مشاركة الدولة في الأنشطة البتروليّة من جهة أخرى والتي تقتصر حالياً على كونها طرفاً في العقد البترولي. إلاّ أن العبرة في نجاح أو فشل هذا النظام المعتمد، تبقى في تطبيقه، إن لجهة نظام الحوكمة وإن لجهة معايير الشفافيّة التي يجب أن ترافق القطاع.

فأهميّة تصميم النظام، والتفاعلات بين الأدوات الماليّة والضريبيّة المختلفة التي ينص عليها النظام المعتمد، بالإضافة إلى التفاصيل المرتبطة بفرض أدوات ماليّة متعدّدة، يعتبر أكثر أهميّة من نوع النظام الذي يجري اعتماده. بحيث إن إقتصار تقييم فعاليّة ومكامن القوّة في النظام المالي على نوع ومعدلات الضرائب الأساسيّة، يقيّد بشكل كبير عمليّة التقييم هذه.

(*) باحثة في مجال إدارة قطاع النفط والغاز في لبنان

اقتصاد

تثبيت سعر الفائدة على القروض الأولية في الصين

Published

on

قرر البنك المركزي الصيني اليوم الاثنين تثبيت أسعار الفائدة القياسية المرتبطة بالسوق عند نفس مستوى الشهر السابق.

وأعلن المركز الوطني لتمويل “الإنتربنك”، وهي منصة إلكترونية رئيسية للسوق المالية في الصين تابعة لبنك الشعب الصيني، استمرار سعر الفائدة الأولية للقروض ذات العام الواحد عند مستوى 3% وسعر الفائدة على القروض ذات الخمس سنوات والذي تستخدمه الكثير من البنوك كأساس لتحديد فائدة التمويل العقاري عند مستوى 3.5%.

وتعكس أسعار الفائدة الأولية مستويات تكلفة التمويل بالنسبة للأسر والشركات، حيث يعني استمرار الفائدة المنخفضة تقليل الأعباء المالية على المقترضين ودعما أقوى للنشاط الاقتصادي.

ورغم تثبيت أسعار الفائدة على القروض الأولية منذ يونيو الماضي، فإن أسعار الفائدة على القروض الجديدة مازالت تتأرجح عند مستويات منخفضة.

وتظهر أحدث البيانات أن متوسط سعر الفائدة المرجح للقروض الجديدة للشركات في الصين استقر عند حوالي 3.1%، بانخفاض قدره 30 نقطة أساس عن الفترة نفسها من العام الماضي، بينما سجل سعر الفائدة على القروض العقارية الشخصية الجديدة عند حوالي 3.1%، بانخفاض قدره 3 نقاط أساس عن العام الماضي.

وكان مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الصيني قد أكد في وقت سابق من الشهر الحالي أن الصين ستحافظ على سياسة مالية أكثر استباقية وسياسة نقدية مرنة بشكل معتدل خلال العام المقبل.

Continue Reading

اقتصاد

البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية

Published

on

أعلن البيت الأبيض أن الخزانة الأمريكية حصّلت 235 مليار دولار من الرسوم الجمركية منذ بداية العام الجاري.

وجاء هذا الإعلان من البيت الأبيض خلال بث مباشر بمناسبة عيد الميلاد على قناته الرسمية في “يوتيوب”، حيث عرضت قائمة بـ”انتصارات ماجا 2025” بشكل متكرر مع موسيقى “لو-فاي” في الخلفية.

وتعد قيمة إيرادات الجمارك المعلنة في البث المباشر أعلى قليلا من المبلغ الذي ذكرته إدارة ترامب سابقا.

وكانت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية قد أفادت الأسبوع الماضي بأن إيرادات الجمارك التي تم تحصيلها بين تنصيب ترامب في 20 يناير الماضي و15 ديسمبر الجاري بلغت ما يزيد قليلا عن 200 مليار دولار.

ومع ذلك، يظل المجموع أقل من التوقعات، حيث كان وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قد توقع في يوليو الماضي الوصول إلى 300 مليار دولار بحلول نهاية العام.

وتقوم المحكمة العليا الأمريكية حاليا بمراجعة قانونية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.

وبعد توليه منصبه، فرض ترامب رسوما جمركية على السلع من دول متعددة، متذرعا بمخاوف تتعلق بالمخدرات مثل الفنتانيل، والهجرة غير الشرعية، والعجز التجاري.

ولم يتضح بعد موعد صدور قرار المحكمة العليا، وإذا حكمت ضد ترامب، فقد يضع ذلك الاتفاقيات التجارية القائمة موضع تساؤل.

Continue Reading

اقتصاد

الصين توجه صفعة قوية للاتحاد الأوروبي

Published

on

أعلنت وزارة التجارة الصينية اليوم الاثنين اعتزامها فرض رسوم إغراق أولية تصل إلى 42.7% على وارداتها من بعض منتجات الألبان من الاتحاد الأوروبي.

ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجديدة حيز التطبيق اعتبارا من يوم غد الثلاثاء (23 ديسمبر 2025).

وكانت الصين قد بدأت تحقيقا بشأن احتمال وجود إغراق من منتجات الألبان الأوروبية، في أعقاب تحقيقات في واردات لحم الخنزير وردا على الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية.

وستؤثر الرسوم الصينية الجديدة بشكل أساسي على دول مثل إسبانيا وفرنسا وهولندا.

Continue Reading

exclusive

en_USEnglish