Connect with us

اجتماع

275 شقة سكنية في الضاحية… على «صوص ونقطة»

Published

on

طريقان ضيّقان لا يتّسع كل منهما لمرور أكثر من سيارة، يوصلان إلى «مجمع أهل البيت» في منطقة الرويس، وطريق ثالث للمشاة يمرّ بين البيوت. 275 عائلة من مختلف الجنسيات، تسكن المجمع المكوّن من ثمانية أبنية لم تعرف أي شكل من الصيانة منذ أكثر من ربع قرن. الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من شباط الماضي وهزّاته الارتدادية في لبنان كشفت عن الهشاشة التي تسبّب بها الإهمال المزمن، وغياب الجهات الرقابية التي لا تحضر إلّا بعد وقوع المشكلة. لا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن تسقط «قطع» من شرفات المباني الثمانية، فيما المياه المتسرّبة عبر الجدران إلى أعمدة الأساس تفتّت الباطون والحديد، وتهدّد بتشريد المئات

تجتاح التفسّخات أبنية مجمع أهل البيت في منطقة الرويس. في بعض أبنيته الثمانية، يبدأ التشقق في الطابق الأرضي ولا ينتهي إلّا في الطابق الحادي عشر، الأخير. يشير أحد الشّبان إلى «انتفاخ الباطون عند الطابق الأول» ويقول إن «البناية مريّحة»!

في الملجأ السّفلي، السّقف أسود جرّاء حريق قديم. الصواعد والهوابط من المياه الكلسية تحوّل الملجأ إلى «جعيتا ثانية»، وتجري المياه المتسرّبة على الخطوط الكهربائية. يغيب أيّ أثر للصيانة، عدا بعض الأعمال الفردية الخفيفة مثل «توريق» بعض الأعمدة. يمتدّ الملجأ تحت أبنية المجمع الثمانية، وتتسرّب إليه المياه من كلّ الشقوق الظاهرة والخَفية، وتحوّل معها المكان إلى مستنقع، تختلط فيه «المياه الحلوة» الآتية من شركة المياه، بـ«المياه المالحة» المستخرجة من الآبار، مع مياه الصّرف الصحي التي تتسرّب من أنابيب تسندها حجارة وُضعت على عجل كي لا تنهار وتنكسر. أما أعمدة الأساس، فهناك 18 منها بحاجة إلى صيانة شاملة بعدما «نفخت» المياه المالحة حديدها، وصدّعت أجزاء منها ومن سقف الملجأ.

مالكو الشقق من السّكان يتركون المجمع للسّكن خارجه، ولا تزيد نسبة الملّاك بين القاطنين على 30%. أسعار الشقق هوت إلى ما لا يزيد على 20 ألف دولار. «لا صيانة حقيقية للمجمع المبني منذ عام 1994»، بحسب مهندس إنشائي يسكن إحدى شققه. الأبنية الثمانية متروكة لقدرها، ولمرور الزمن عليها. علماً أنّ كلّاً منها مؤلّف من 11 طابقاً، يضم كلّ طابق 3 شقق. بالمجمل هناك 275 شقة، يسكنها 1440 شخصاً، وفقاً لأعضاء في «لجنة المجمع» الذي سُكن بشكل شبه كامل سنة 1996. وخلال الأعوام الـ27 التي مرّت، توالت مئات العائلات عليه، مع عشرات الأحداث الطبيعية، وغير الطبيعية التي تهدّد اليوم بقاء هذه الأبنية.
«عندما تنزل شاحنة الغاز القوارير، نشعر بالضربات في بيوتنا»، يقول أحد سكان المجمع منذ 23 سنة لـ«الأخبار». المشاكل الكبيرة ظهرت بعد زلزال تركيا في السّادس من شباط، إذ تفسّخت الأعمدة بشكل واضح، وانهارت أجزاء ضعيفة من بعض الشّرفات. غير أنّ المشاكل بدأت قبل وقت طويل من وقوع الزلزال، تحديداً منذ حرب تموز 2006، عندما تعرّضت لقصفت مكثف، ما أدّى إلى أضرار في المنازل وخلخلة في المباني. بعد توزيع التعويضات، لم يقم أحد من السّكان بإصلاح الأقسام المشتركة التي لم تظهر فيها الأضرار بشكل مباشر.
بعد الزلزال، «كشفت 4 لجان متفرّقة على المجمع» يقول السّكان. لجنة تابعة لبلدية برج البراجنة، وأخرى لاتحاد بلديات الضاحية، ومن بعدهما أتت لجنتان مشتركتان من البلديات ومؤسسة جهاد البناء. وضعت كلها تقارير أكّدت خطورةَ الوضع، وضرورة إجراء أعمال الصيانة، غير أن التكلفة التي تتجاوز مليوناً وخمسمئة ألف دولار تحول دون ذلك. لذلك، طلبت «فعّاليات» المجمع من البلدية «التروي، وعدم إصدار تقارير تطلب الإخلاء، إذ لا مكان تلجأ إليه أكثر من 200 عائلة».

خلاصة التقارير الخاصة بالمهندسين، أنّ «المجمع يلزمه ترميم فوري من دون إخلاء»، وفقاً لنائب رئيس بلدية برج البراجنة زهير جلّول الذي يشدّد على سرعة التحرّك، إذ لا يمكن الانتظار، و«إلّا الحالة ستسوء أكثر». أمّا حول من يرمّم؟ فيجيب جلّول: «صاحب البناء، وإن لم يرمّم، فوفق القانون الذي لا يمكن تطبيقه في الوقت الحاضر، ترمّم البلدية وتضع الكلفة المدفوعة ديناً ممتازاً على المالكين. ولكن لا تمتلك أي بلديّة الموازنة الكافية حالياً».

عندما تنزل شاحنة الغاز القوارير، نشعر بالضربات في بيوتنا

من جهته، يرى رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد درغام أنّ «مهمة البلدية هي الكشف لا الترميم، وما قامت به اللجان على الأرض، بعد الهزة الأرضية، أتى بناءً على قرار وزير الداخلية والبلديات». ويسأل درغام: «من بيته بحاجة إلى صيانة، هل هذه مسؤوليته، أم مسؤولية البلدية؟»، ويختم بـ«أن لا مشكلة إنشائية، بل في التعاطي مع الملكيّة. من واجب صاحب الملك القيام بأعمال الصيانة، وهناك مئات المباني وضعها كوضع المجمع، والدولة وحدها يمكنها تحمّل قرار تمويل صيانتها، لا البلديات».

لجنة المجمع وضعت دراسةً خاصةً لتكاليف الصيانة الأساسية فقط، من أعمدة وجسور حديدية، قُدرت كلفتها بحوالي 22 ألف دولار، غير أن أي جهة لم تبد استعدادها لتحمّل التكاليف. لا هي مهمة البلديات، ولا السّكان يستطيعون تحمّل المبلغ المطلوب، إذ يشير أحدهم إلى أن «أحد المصاعد بقي معطلاً لشهر كامل قبل أن يتمكن السّكان من جمع مبلغ 400 دولار لإصلاحه».
يحسم أمين سر نقابة المهندسين توفيق سنان بأنّ «الترميم على حساب الملّاك، ما يفرض وجود صندوق للمبنى ولجنة للقيام بأعمال الصيانة الدورية». وفي حال وجود خلل كبير في الأساسات، يؤكّد ضرورةَ «اتخاذ البلدية قرار الإخلاء بسبب الخطر على السّلامة العامة»، لافتاً إلى أن «الهيئة العليا للإغاثة كانت تتولّى أعمال الترميم الكبيرة بعد تحويل الطلبات إليها، ولكن الآن لا أموال، بالإضافة إلى أنّ الترميم يكلف أكثر من البناء».
في المقابل، هناك سكان في المجمع يرون في الأمر «تضخيماً إعلامياً لا داعي له». بالنسبة إليهم، لا توجد أيّ مشكلة تهدّد السّلامة العامة، أو بقاء المباني من أساسه. الأمر يؤكّده مهندس، فـ«الإنشاءات سليمة، والأبنية ليست مهدّدة بالانهيار شرط القيام بالتصليحات اللازمة، ووقف النش بشكل كامل، وإلا سيكون المشكل كبيراً».

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

اجتماع

كبارة وحبيب في بكركي

Published

on

زار سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة ورئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي اليوم لتهنئته بالأعياد.

وبعد اللقاء، أدلى كبارة بتصريح هنأ فيه بالأعياد، آملًا في “انتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور عامين على الفراغ الرئاسي”.

أما حبيب، فقال: “جئنا لتهنئة غبطة البطريرك الراعي بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة، ونتمنى أن ينتخب مجلس النواب رئيسًا للبلاد في ٩ الحالي وتأليف حكومة جديدة في القريب العاجل كي يرتاح الشعب اللبناني من الأزمات المتواصلة منذ سنتين حتى اليوم.”

وردًا على سؤال عن أمنياته في العام الجديد، أمل في “إعادة فتح شارع المصارف في بيروت، وبالتالي إعادة الحياة إلى وسط المدينة، لما يمثله هذا الشارع من أهمية حيوية للمنطقة.”

Continue Reading

اجتماع

سلسلة استقبالات لبري وتتبّع لتطورات الأوضاع

Published

on

استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، رئيس لجنة المراقبة لتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الاميركيّ جاسبر جيفيرز.

وحضرت السفيرة الاميركية لدى لبنان ليزا جونسون والمستشار الإعلاميّ لرئيس المجلس علي حمدان.

وعرضوا الأوضاع الميدانية منها على ضوء مواصلة إسرائيل خرقها لبنود الإتفاق.

كما استقبل بري وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو والوفد المرافق وبحثوا الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.

وتابع بري الأوضاع العامة والمستجدات السياسية، خلال لقائه السفير البابويّ في لبنان المطران باولو بورجيا، السفير بورجيا رئيس المجلس رسالة قداسة البابا فرنسيس في اليوم العالميّ الثامن والخمسين للسلام وكتابًا عن مذكراته.

Continue Reading

اجتماع

مواكبة لمتطلبات المرحلة و رياح التغيير المفصلية ، قراءة لزيارة بيك الجبل و الوفد المرافق لقصر المهاجرين التاريخية:

Published

on

في خطوة تُعدّ من أبرز المحطات على صعيد العلاقات التاريخية والسياسية في المنطقة، جاءت زيارة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين المسلمين المعروفيين ، الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، والزعيم وليد كمال جنبلاط ونجله تيمور ، برفقة وفد كبير ورفيع المستوى، إلى قصر المهاجرين التاريخي هذه الزيارة، التي تعتبر الأولى من نوعها، تحمل دلالات بالغة الأهمية وتعكس تحولات استراتيجية عميقة في مسار العلاقات السياسية والاجتماعية في المنطقة.

قصر المهاجرين ليس مجرد مكان تاريخي بل يمثل رمزاً من رموز الإرث الثقافي والسياسي لسوريا، وهو شاهد على العديد من التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد و اختيار هذا المكان بالتحديد يُبرز بُعداً رمزياً في إعادة تأكيد الروابط التاريخية بين طائفة الموحدين الدروز وسوريا، ويعكس الرغبة في تعزيز الحوار والتفاهم في ظل الظروف الإقليمية الراهنة.

إن وجود شيخ عقل الطائفة والزعماء السياسيين في هذه الزيارة يعكس التمسك بجذور العلاقة العميقة التي تربط الدروز بسوريا على المستويات الدينية، الاجتماعية، والسياسية بحيث تأتي الزيارة في وقت حساس تمر فيه المنطقة بتحديات وتحولات كبيرة وبالتالي، فهي إشارة واضحة إلى نية القيادة الدرزية في تعزيز الانفتاح والحوار مع الأطراف المختلفة، مما يمهد الطريق للتعاون المستقبلي و من خلال هذه الخطوة يظهر رغبة الزعامات الدرزية في تأكيد وحدة الصف والهوية المشتركة بين أبناء الطائفة، والعمل على تعزيز الروابط الإنسانية والاجتماعية بعيداً عن الخلافات السياسية و تحمل الزيارة أبعاداً تتجاوز الإطار المحلي للطائفة، إذ إنها تأتي كخطوة تهدف إلى ترسيخ دور الطائفة الدرزية كلاعب و مكون أساسي في المعادلة الإقليمية، خاصة في ظل التحديات الراهنة.

زيارة قصر المهاجرين ليست مجرد لقاء عابر بل هي محطة محورية تؤسس لمرحلة جديدة من العمل المشترك والانفتاح في إطار التحديات والتغيرات التي تعصف بالمنطقة هي دعوة للتأمل في دور القيادات الروحية والسياسية في تعزيز الحوار، والعمل على بناء جسور التواصل بين الماضي والحاضر لتحقيق مستقبل أكثر استقراراً.

✍️نـزار بو علي
كاتب و باحث لبناني
عضو مجلس رجال الاعمال العرب
عضو مجلس سفراء البورد الاوروبي

Continue Reading

Trending