Connect with us

اقتصاد

رفض الشيكات ولو بالليرة… المصارف تبرّر: كلفة تأمين السيولة من السوق مرتفعة

Published

on

منذ انهيار الليرة وتفكّك العمل المصرفي وتحوّل البنوك الى صرافات آلية، برزت تجارةٌ كانت متنفسا لبعض المودعين عند الحاجة، و”خراب بيوت” لبعضهم الآخر، حين عمد تجار وصيارفة، ومستغلو الأزمات ومقتنصو الفرص إلى شراء شيكات بالليرة اللبنانية مسحوبة على بنوك محلية، بمبالغ أقل بكثير من قيمتها (اللولار الى أقل من 13% والليرة الى أقل من 80%)، محققين بذلك مبالغ طائلة وأرباحا غير شرعية وغير محققة وفق القانون، بما خلق إرباكا في الأسواق وضغطا كبيرا على سعر صرف الدولار فيها، ساعد في ارتفاعه على حساب الليرة.

كانت المصارف أمام خيارين، إما قبول الشيكات وتحويلها الى حسابات العميل، أو رفض تسلّمها وتحمّل مسؤولية مواجهات يومية وبالجملة مع مودعين تحولوا إلى تجار شيكات، بما لا تقدر المصارف على تحمّله بعد الصورة النمطية التي تكونت لدى العامة عن المسؤولية الحصرية للمصارف في اختفاء الودائع والانهيار المالي. المبررات التي توردها المصارف لتقييد التعامل بالشيكات هي على خلفية تحمّلها أعباء وكلفة نقل وعمولة ومصاريف أخرى، لدى تأمين سيولتها بالليرة اللبنانية من مصرف لبنان الذي بدوره يقنّن لها السيولة، أو من السوق الموازية بأسعار مرتفعة. وهذا ما دفعها إلى التوقف عن قبول الشيكات المتداولة، إلا في الحدود الضيقة جدا جدا، والمؤكد مصدرها وقانونيته، علما ان سعر النقدي بالليرة انخفض أخيرا نوعا ما، نتيجة تشدد مصرف لبنان واصداره تعميما يمنع تجارة الشيكات.

لكنّ خطوة المصارف، ولدت على هامشها أزمات أخرى، منها أن تعويضات نهاية الخدمة في الضمان الاجتماعي، وغيرها من المؤسسات الضامنة، وفواتير تعويضات التأمين، والقروض بين الافراد وغيرها من المتداولات تجمدت لدى بعض المصارف، وما عادت تجد طريقها الى حسابات اصحابها فيها وبات المواطن أمام طريق مسدود، فلا هو قادر على قبض شيكاته ومستحقاته، ولا هو قادر ايضا على رد الشيكات المسحوبة لإسمه.

إذاً، يواجه المودعون، وخصوصا الافراد منهم، صعوبات لإيداع الشيكات في المصارف، حيث يقتصر ايداعها على الشركات فقط وبنسبة قليلة أيضا، مع الاخذ في الاعتبار أن أهداف الايداع يجب ان تكون مبررة ومثبتة من قِبل المصدر، علما أن البعض يتقاضى شيكات من الصناديق الضامنة أو مقابل خدمة أو عمل ما.

مصادر مصرفية بررت لـ”النهار” القيود التي تفرضها بعض المصارف، مشيرة الى أن “المشكلة هي أنه كلما زادت أرصدة المصارف في مصرف لبنان يتم تحميلها خسائر أكبر. من هنا باتت مصلحة المصارف أن تتخلص من ودائع اللولار لديها، لأنه في النهاية سيشملها الهيركات وستُحتسب خسائر لها. لذا لا مصلحة للمصارف في أن تقبل شيكات باللولار، علما أن لا مشكلة اذا كانت العملية تتم ضمن المصرف الواحد”.

وكانت جمعية مصارف لبنان أوصت بقبول كل الشيكات التي لا تفوق قيمتها 15 ألف دولار، والتي يودعها المستفيدون منها في حساباتهم لديها، على ان لا يُطلب قبضها نقدا او تحويلها بعد التحصيل الى خارج لبنان، وان تأتلف مع طبيعة النشاط المعتاد للحساب وحركته. وتُعتبر كذلك، الشيكات المسحوبة لأمر اي صاحب مهنة حرة حالي او متقاعد من صندوق تعاضد نقابته.

أما بالنسبة الى الشيكات بالعملة اللبنانية، فتؤكد المصادر أن ثمة مصارف ترفض ايداع الشيكات بالليرة وسحبها “كاش” على اعتبار أن سيولة المصارف بالليرة محدودة بما يضطرها الى اللجوء الى السوق لشرائها بكلفة أكبر من قيمتها، مع الاخذ في الاعتبار أن المصارف تقبل الشيكات باللولار و”اللبناني” المخصصة للعمليات التجارية.

مصادر أخرى أكدت أن “من البديهي أن ترفض المصارف الشيكات باللولار كونه سيصبح من مسؤوليتها دفعها بالدولار، أما رفض بعض المصارف الشيكات باللبناني فيعود لاضطرارها الى تسديد مبلغ محدد شهريا “كاش” للمودع، وهو أمر صعب عليها كونها تشتري العملة اللبنانية من السوق السوداء بسعر أعلى من قيمتها”. وذكّرت المصادر بأن مصرف لبنان أصدر تعميمين “خنق” بواسطتهما السوق السوداء كليا، “بحيث يعمد الى ارسال كل شيك مصرفي باللبناني أو اللولار الى هيئة التحقيق للتأكد من عدم وجود شبهات حولها”. وكان مصرف لبنان أصدر التعميم 662 في شباط الماضي متضمنا قيودا استثنائية فرضها على بعض العمليات التي تقوم بها المصارف للتأكد من وجهة استخدام الشيك عند اصداره او الغاية من اصداره، إذ شدد “المركزي” على المصارف التأكد عند اصدار شيكات مصرفية وشيكات مصدَّقة بالليرة اللبنانية، على مسؤوليتها، ان الغاية من طلب اصدار هـذه الشـيكات مشـروعة (تسديد ضرائب ورسوم وتأمينات قضائية…) ولا تؤدي الى عمليات مضاربة على العملة الوطنية. كما حظر عليها بيع وشراء الشيكات والحسابات المصرفية بالعملات الاجنبية أو بالليرة اللبنانية لحسابها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وإصدار شيكات مصرفية بالعملات الاجنبية أو بالليرة اللبنانية باسم مصرف آخر، الا اذا تم تضمين الشيك اسم المستفيد الذي يقتضي ان تـودع قيمـة الشيك في حسابه.

المصادر عينها أشارت الى أنه “ليست كل المصارف تتعامل بالاسلوب نفسه، خصوصا اذا كان مصدر الشيك من أفراد حصلوا عليه مقابل عمل ما أو من الصناديق الضامنة”، لافتة الى أن بعض المصارف بدأت تؤمن لمودعيها بطاقات ائتمان “فريش” لتسهيل أعمالهم.

تراجع التداول بالشيكات 74%

تجارة الشيكات تراجعت على نحو لافت، إذ كان بعض المودعين يلجأون إلى سحب ودائعهم عبر شيكات مصرفية أو شيكات عادية وبيعها لأشخاص مقابل قبض نسب بسيطة من قيمتها نقدا لحاجتهم الماسّة الى السيولة، ولكن المصارف شددت قيودها على هذه العمليات، وباتت تطلب فواتير لتبرير تسلّم الشيك. وفيما عزا البعض تراجع قيمة الشيكات المصرفية الى التعاميم التي أصدرها مصرف لبنان وتتعلق بالتعامل بالشيكات، عزا آخرون السبب الى تراجع سعر صرف الليرة معطوفا على صعوبة التداول بالشيكات المصرفية نتيجة تشدد المصارف في قبول الشيكات المصرفية اذا لم يكن هدفها تسديد قرض معيّن، صادر عن المصرف عينه حيث يسدد القرض، بمعنى أنه بات على صاحب القرض الراغب في تسديده عبر شيك مصرفي ان يشتري شيكا من مودع في البنك عينه.

واستنادا إلى إحصاءات جمعية مصارف لبنان، فقد بلغ عدد الشيكات المتداولة 93120 شيكا خلال الشهرين الاوّلين من العام 2023 مقارنةً بـ356777 شيكا خلال الفترة عينها من العام 2022، اي بتراجع نسبته 74%، علما أن عدد الشيكات المتداولة كان قد تراجع الى نحو 732 ألف شيك بقيمة تقارب 17 مليار ليرة لبنانية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2022، مقارنة بـمليون و256 ألف شيك بقيمة تقارب 21 مليار ليرة في الفترة عينها من العام 2021.

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقتصاد

تثبيت سعر الفائدة على القروض الأولية في الصين

Published

on

قرر البنك المركزي الصيني اليوم الاثنين تثبيت أسعار الفائدة القياسية المرتبطة بالسوق عند نفس مستوى الشهر السابق.

وأعلن المركز الوطني لتمويل “الإنتربنك”، وهي منصة إلكترونية رئيسية للسوق المالية في الصين تابعة لبنك الشعب الصيني، استمرار سعر الفائدة الأولية للقروض ذات العام الواحد عند مستوى 3% وسعر الفائدة على القروض ذات الخمس سنوات والذي تستخدمه الكثير من البنوك كأساس لتحديد فائدة التمويل العقاري عند مستوى 3.5%.

وتعكس أسعار الفائدة الأولية مستويات تكلفة التمويل بالنسبة للأسر والشركات، حيث يعني استمرار الفائدة المنخفضة تقليل الأعباء المالية على المقترضين ودعما أقوى للنشاط الاقتصادي.

ورغم تثبيت أسعار الفائدة على القروض الأولية منذ يونيو الماضي، فإن أسعار الفائدة على القروض الجديدة مازالت تتأرجح عند مستويات منخفضة.

وتظهر أحدث البيانات أن متوسط سعر الفائدة المرجح للقروض الجديدة للشركات في الصين استقر عند حوالي 3.1%، بانخفاض قدره 30 نقطة أساس عن الفترة نفسها من العام الماضي، بينما سجل سعر الفائدة على القروض العقارية الشخصية الجديدة عند حوالي 3.1%، بانخفاض قدره 3 نقاط أساس عن العام الماضي.

وكان مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الصيني قد أكد في وقت سابق من الشهر الحالي أن الصين ستحافظ على سياسة مالية أكثر استباقية وسياسة نقدية مرنة بشكل معتدل خلال العام المقبل.

Continue Reading

اقتصاد

البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية

Published

on

أعلن البيت الأبيض أن الخزانة الأمريكية حصّلت 235 مليار دولار من الرسوم الجمركية منذ بداية العام الجاري.

وجاء هذا الإعلان من البيت الأبيض خلال بث مباشر بمناسبة عيد الميلاد على قناته الرسمية في “يوتيوب”، حيث عرضت قائمة بـ”انتصارات ماجا 2025” بشكل متكرر مع موسيقى “لو-فاي” في الخلفية.

وتعد قيمة إيرادات الجمارك المعلنة في البث المباشر أعلى قليلا من المبلغ الذي ذكرته إدارة ترامب سابقا.

وكانت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية قد أفادت الأسبوع الماضي بأن إيرادات الجمارك التي تم تحصيلها بين تنصيب ترامب في 20 يناير الماضي و15 ديسمبر الجاري بلغت ما يزيد قليلا عن 200 مليار دولار.

ومع ذلك، يظل المجموع أقل من التوقعات، حيث كان وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قد توقع في يوليو الماضي الوصول إلى 300 مليار دولار بحلول نهاية العام.

وتقوم المحكمة العليا الأمريكية حاليا بمراجعة قانونية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.

وبعد توليه منصبه، فرض ترامب رسوما جمركية على السلع من دول متعددة، متذرعا بمخاوف تتعلق بالمخدرات مثل الفنتانيل، والهجرة غير الشرعية، والعجز التجاري.

ولم يتضح بعد موعد صدور قرار المحكمة العليا، وإذا حكمت ضد ترامب، فقد يضع ذلك الاتفاقيات التجارية القائمة موضع تساؤل.

Continue Reading

اقتصاد

الصين توجه صفعة قوية للاتحاد الأوروبي

Published

on

أعلنت وزارة التجارة الصينية اليوم الاثنين اعتزامها فرض رسوم إغراق أولية تصل إلى 42.7% على وارداتها من بعض منتجات الألبان من الاتحاد الأوروبي.

ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجديدة حيز التطبيق اعتبارا من يوم غد الثلاثاء (23 ديسمبر 2025).

وكانت الصين قد بدأت تحقيقا بشأن احتمال وجود إغراق من منتجات الألبان الأوروبية، في أعقاب تحقيقات في واردات لحم الخنزير وردا على الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية.

وستؤثر الرسوم الصينية الجديدة بشكل أساسي على دول مثل إسبانيا وفرنسا وهولندا.

Continue Reading

exclusive

arArabic