Connect with us

اقتصاد

إحياء سوق النجّارين: شوبك ومدقّات وقباقيب

Published

on

يكافح أحمد أبو ظهر (أبو محمد 71 عاماً) من أجل إعادة الحياة إلى سوق النجّارين وسط أحياء صيدا القديمة، بعزيمة لا تلين، يُقاوم الركود والإقفال القسري وقد فرضه ازدهار البلاستيك بأنواعه وأشكاله المتنوعة ومحال «وان دولار» منذ سنوات، بعدما حلَّت بديلاً عن المنتوجات الخشبية، والأزمة الاقتصادية والمعيشية.

أبو ظهر واحد من ثلاثة معلمين من الرعيل الأول الذين احترفوا مهنة النجارة الخشبية أباً عن جدّ، واجهوا الظروف الصعبة وصمدوا في السوق ضمن 17 محلاً أقفل أصحابها أبوابهم تدريجياً، وباتت محلاتهم مجرّد ذكرى على عصر ذهبي عاشته المهنة في سبعينات القرن الماضي لأسباب مختلفة من بينها وفاة شيوخ المهنة، عدم توريث الأولاد والأحفاد، الاستيراد الأجنبي، التكنولوجيا والضائقة المعيشية.

من المنتجات الخشبية

يقول أبو ظهر لـ»نداء الوطن»: «أحترف هذه المهنة منذ 55 عاماً. عاصرت مراحلها كافة من العصر الذهبي إلى الأفول، لقد عشت مرحلة من اليأس والإحباط وأقفلت المحل لسنوات عدّة، ثم عدت منذ أشهر إلى العمل مجدّداً، مُتحدّياً الظروف الصعبة والضائقة المعيشية وقررت الحفاظ على إرث العائلة برمش العين ويكفي أنه كلما مرّ زبون ترحّم على أبي وذكره بالخير».

كغيره من الحرفيين الباقين، يصنع أبو ظهر الكثير من المنتجات الخشبية بمختلف الاحجام كـطابع المعمول «كعك عيد»، شوبك العجين، ومدقّات وأجران التوم، مناخل العجين والزعتر، قباقيب للزينة والحمام، طبليّات، صناديق وغيرها، وقد أضاف إليها أخيراً بعض التذكارات الخشبية التي تتناسب مع أذواق السائحين الذين يمرّون عادة بالسوق، يلتقطون الصور ونادراً ما يشترون. يؤكد أبو ظهر وهو يجلس على كرسيّ خشبي، «صحيح أنّ البيع قليلٌ جداً، ولكن علينا الصبر، فالمهنة ليست مجرّد وسيلة لكسب قوت اليوم والعيش الكريم، بل هي إرث ثقافي وتراث ويجب الحفاظ عليها، لا سيّما وأنّ كثيراً من الجيل الصاعد لم يرغب باحترافها أمام التعليم الجامعي والمهن التي تدرُّ الكثير من المال».

أبو ظهر الذي يعيش هدوء السوق وقد يقطعه غناء سيدة الطرب أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وسيد مكاوي، يأمل «أن يعود السوق إلى سابق مجده، بهمّة أصحاب الأيادي البيض الذين يدعمون الحرفيين، ورمّموا سابقاً السوق وجدّدوا أبواب ونوافذ محاله»، ويقول: «الدولة للأسف الشديد غائبة عنّا كلّياً، ولا تنظر إلينا، ولا تدعمنا ولا تؤمّن لنا أبسط مقوّمات العمل».

وعلى بعد أمتار قليلة، يقف المعلم محمد الشامية (أبو علي 60 عاماً) وسط محله الذي تفوح منه رائحة الخشب النديّ، مُحافظاً على مهنة والده عميد النجّارين علي الشامية، يصنع الطبليّات، قباقيب الحمام، طابع المعمول، المعالق، الشوبك ومناخل العجين والزعتر، ومدقّات وأجران الثوم، والكراسي التي تسرق انتباهك لحجمها الصغير ولجمالية نقشها وتطريزها. ويقول لـ»نداء الوطن»: «نبذل جهوداً كبيرة ونحاول الاستمرار بها مع تراجع مدخولها بنسبة 60% وأكثر، ممّا يدفعنا إلى تطوير صناعتنا بحرفية الماضي، كثيرون ممّن عملوا بهذه الحرفة علّموا أولادهم ليصبحوا مهندسين ومعلّمين وأطباء، أولادي لم تسنح لهم الفرصة ليتعلموا هذه الحرفة التي تعتمد بالدرجة الأولى على خبرة المعلّم».

وعلى الرغم من عدم تعلّم الأولاد والأحفاد، إلا أنّ المعلم الشامية يُؤمن بأنّ المهنة «لن تنقرض لأنّها رسالة وأصبحت جزءاً من تراث صيدا وإرثها والجميع مدعو للحفاظ عليها كجزء من تاريخ المدينة»، خاتماً بلهجته الصيداوية «بس لازم تراث صيدا يستمرّ من جيل لجيل مع غياب الدعم الرسمي».

المعلّم الشامية وسط محله

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

اقتصاد

ماذا حدث لأسواق إيران وإسرائيل بعد حرب الـ12 يوما؟

Published

on

بعد مرور 40 يومًا على توقف الصواريخ بين إيران وإسرائيل، بدأت تتضح ملامح التأثيرات الاقتصادية المختلفة للحرب التي استمرت 12 يومًا وانتهت في يونيو/حزيران، والتي كبّدت الطرفين خسائر مالية كبيرة، لكن بنتائج متباينة جذريًا.

فبينما دخل الاقتصاد الإيراني في دوامة من الانهيار، أظهرت مؤشرات السوق الإسرائيلية قدرة ملحوظة على التعافي، مدفوعة بهيكل اقتصادي أكثر تنوعًا، ومؤسسات مالية أكثر شفافية، وعلاقات راسخة بالأسواق العالمية.

الاقتصاد الإيراني: خسائر فادحة وعجز عن الاستجابة
قدّرت منصة “إيران واير” الخسائر الإيرانية المباشرة وغير المباشرة بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، في ظل اقتصاد مُثقل أصلًا بالعقوبات والتضخم.

سجّل الريال الإيراني تراجعًا حادًا خلال الصراع، إذ انخفض من 820 ألف تومان للدولار إلى نحو 880 ألفًا، وسط تقلبات حادة وتوقف شبه تام لنشاط تجار العملات بانتظار مؤشرات سياسية خارجية.

كما تدهورت سوق الأسهم الإيرانية بعد إعادة فتحها في 28 يونيو، رغم تدخل البنك المركزي بضخ نحو 60 تريليون تومان (680 مليون دولار)، وفرض قيود صارمة على التداول. ومع ذلك، تراجعت البورصة بنسبة 5% عن مستويات ما قبل الحرب، وخسرت نحو 40% من قيمتها الحقيقية بسبب موجات بيع واسعة وهروب المستثمرين.

بلغت الأزمة ذروتها في 9 يوليو، حين اقتحم مستثمرون غاضبون مبنى بورصة طهران احتجاجًا على خسائرهم.

وفي السياق الأوسع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 10% في يونيو، وتزايدت معدلات البطالة، وسط ما وصفه المسؤولون بـ”الركود العميق”. وشُلّت قطاعات واسعة من الاقتصاد بسبب الانقطاعات المتكررة في الكهرباء والغاز والمياه، ما أدى إلى توقف الإنتاج في معظم القطاعات غير الأساسية.

ويحذر خبراء من دخول إيران في “حلقة مفرغة”، حيث تمنع أعباء الحرب ومشكلات البنية التحتية النمو الاقتصادي المطلوب لتجاوز الأزمة.

إسرائيل: خسائر أقل وانتعاش أسرع
من جهته، أعلن البنك المركزي الإسرائيلي عن خسائر مباشرة بقيمة 12 مليار دولار، مع تقديرات مستقلة تشير إلى أن التكاليف الإجمالية قد تصل إلى 20 مليار دولار.

ورغم ذلك، أظهرت الأسواق الإسرائيلية قدرة ملحوظة على امتصاص الصدمة:

ارتفعت قيمة الشيكل بنسبة 8%، من 3.68 إلى 3.35 شيكل مقابل الدولار.

قفز مؤشر TA-35 بنسبة 12.7%، بينما سجّل مؤشر TA-125 الأوسع نطاقًا ارتفاعًا بنحو 8%.

بلغت الأسواق الإسرائيلية أعلى مستوياتها خلال 52 أسبوعًا في 19 يونيو – اليوم ذاته الذي زعمت فيه وسائل إعلام إيرانية أن صواريخ الحرس الثوري “دمرت” الحي المالي في تل أبيب.

ورغم ارتفاع معدل البطالة مؤقتًا إلى 10% في يونيو، إلا أنه عاد سريعًا إلى 2.9%. وبلغ معدل التضخم 3.3% فقط، مقارنة بـ40.1% في إيران.

وظلت شركات التكنولوجيا ومعظم الصناعات الإسرائيلية تعمل دون انقطاع، حيث بقي نحو 95% من المصانع نشطًا خلال فترة القتال.

وساهم الشفافية الحكومية والإفصاح المالي المستمر – بخلاف الغياب شبه الكامل للأرقام الرسمية من طهران – في استعادة ثقة المستثمرين بسرعة.

بنية الاقتصاد تُحدد مصير ما بعد الحرب
كشفت نتائج الحرب عن التباين العميق في هيكلي الاقتصادين:

تعتمد إيران بشكل أساسي على صادرات النفط وتفتقر إلى قاعدة صناعية متنوعة، كما أنها معزولة عن الأسواق العالمية.

في المقابل، تستند إسرائيل إلى اقتصاد متنوع قائم على الابتكار والتكنولوجيا، ولديها علاقات مالية دولية واسعة.

هذا الفارق البنيوي ساهم في سرعة تعافي الأسواق الإسرائيلية، في وقت تعاني فيه إيران من أزمة متصاعدة وغياب محفزات داخلية قادرة على إحياء النشاط الاقتصادي.

الرواية الإعلامية… واقع مغاير
في حين تحاول وسائل الإعلام الإيرانية التقليل من حجم أزمتها الاقتصادية، مركزة على ما تصفه بـ”الارتباك في الأسواق الإسرائيلية”، تظهر الأرقام والمؤشرات الرسمية أن الرواية مختلفة تمامًا.

وبينما تواجه إيران فترة تعافٍ طويلة ومؤلمة، تبدو إسرائيل في موقع أقوى لإعادة تثبيت استقرارها الاقتصادي، رغم التحديات الأمنية المتواصلة.

Continue Reading

اقتصاد

إرتفاع أسعار اللحوم في أميركا

Published

on

ارتفعت أسعار اللحم البقري إلى مستويات قياسية في الولايات المتّحدة الأميركيّة، حيث بلغ متوسط سعر رطل اللحم المفروم 6.12 دولار، بزيادة 12 بالمئة عن العام الماضي.

كذلك، ارتفعت أسعار كافة شرائح اللحم البقري غير المطهية بنسبة 8 بالمئة.

Continue Reading

اقتصاد

المالية تحوّل أكثر من 5800 مليار ليرة للضمان الاجتماعي

Published

on

أعلنت وزارة المالية، في بيان، انها “بصدد تحويل مساهمة مالية للصندوق الوطني الضمان الاجتماعي بقيمة ٥،٨٢٤،٩٤٢،٦١١،٠٠٠ خمسة آلاف وثمانمئة واربعة وعشرون ملياراً وتسعماية وأثنان وأربعون مليون وستماية وأحد عشر ألف ليرة لبنانية، من موازنة العام ٢٠٢٥ مخصصة بمجملها للمرض والأمومة، بعدما سلكت آلياتها المطلوبة عبر موافقة ديوان المحاسبة.

Continue Reading

Trending