Connect with us

صحة

بين المياه والطاقة والغذاء: قصة وجود لا قصة هشاشة

Published

on

لطالما تمحورت الأساطير القديمة التي حاولت تفسير التوازنات في الطبيعة حول قوتي النار والمياه. وها هو العالم، بعد سلسلة من الثورات العلمية، يعود إلى ما يشبه الأساطير لتفسير ما يحصل في هذا الكوكب الهش الذي يحترق ويغرق في الوقت نفسه!

بحثان جديدان نُشرا أخيراً، حول تغيّر المناخ وزيادة حرارة الأرض، تحدّث أحدهما عن سرعة ذوبان الأنهار الجليدية والثاني عن ميلان محور الأرض 78 شرقاً بسبب الزيادة المفرطة في سحب المياه الجوفية، وأن هذا الميلان يؤدي إلى زيادة كمية ضوء الشمس فوق الأماكن المتجمدة وزيادة ذوبان الجليد الذي يتسبب أيضاً بإعادة توزيع كتلة المياه التي كانت محبوسة واختلال في محور الأرض. وكل ذلك يزيد من ارتفاع مستوى البحار والمحيطات وسخونة مياهها والتسبب بموجات جديدة من النينو ومن زيادة حرارة الأرض… والدخول في حلقة جهنمية وكارثية.

وفي وقت تم التوقيع على أول اتفاقية دولية لحماية أعالي البحار، تهدف إلى حماية 30% من المحيطات بحلول عام 2030 من الصيد الجائر ومن حركة السفن ومشاكل النقل البحري والتعدين في أعماق البحار… لم يُفهم كيف ستحمي هذه الاتفاقية البحار والمحيطات من التحمّض بسبب امتصاصها الزائد لثاني أوكسيد الكربون، ولا سيما بعدما فشلت الدول في تطبيق الاتفاقيات المشابهة المتعلقة بتغير المناخ والحد من الانبعاثات المتسببة بمعظم الكوارث.
هذا على مستوى الكوكب، وعلى المستوى العالمي ومسؤولية الدول الصناعية الكبرى التي حصلت فيها الثورة الصناعية… أما على المستوى الإقليمي والمحلي، فإن دمج قضايا الطاقة مع المياه بحسب قواعد الدول المصنّفة «متقدمة» يسبب كوارثَ على مستوى الكوكب، مع تطبيق سياسات في غاية التبعية العلمية والاقتصادية والسوء جرّت نتائج كارثية على بلدان وشعوب تبنّت توصيات وتمويلات وقروضاً وفقاً لنصائح البنك الدولي ومؤسسات تمويلية كبرى. وكانت خلاصة آخر تقرير للبنك الدولي في مجال المياه قبل أيام أيضاً بعنوان: «الثروة الخفية للأمم: اقتصاديات المياه الجوفية في أوقات تغيّر المناخ»، الدعوة، كالعادة، إلى إنشاء السدود السطحية أو تحلية مياه البحار بقروض وأكلاف خيالية!
هذه السياسات المتّبعة زادت من ديون الدول والشعوب، ومن ديون الإنسان على الطبيعة التي تستردها بتغير المناخ والفيضانات والجفاف والكوارث المناخية.
آخر إرهاصات هذه السياسات أن تعلن حكومة «بلاد ما بين النهرين»، أمس، أنها ستلجأ إلى تحلية مياه البحر كأحد الخيارات لمواجهة مشاكل المياه! وهذا يؤشر إلى وصول الأمور إلى نقطة بالغة الخطورة، نظراً إلى ما يمثله هذا المورد الحياتي في حياة البشر، ولما تمثله هذه البلاد من دلالات تاريخية. يأتي هذا الإعلان المأساوي معطوفاً على سلسلة مشاكل تواجهها دول المنطقة جميعها، بين الشح والجفاف والتلوث وسوء الإدارة والصراعات على المياه العابرة للحدود وتزايد عدد السكان (والطلب) والتغيّرات المناخية…

وإذا ربطنا موضوع المياه والطاقة والغذاء ومتطلبات التصدي لمشكلات تغيّر المناخ، مع الصراعات الدولية على الموارد وعلى الأسواق ومع الحرب الروسية الأوكرانية شبه العالمية… نصبح أمام صورة بالغة القتامة تتخطى بمجملها كل الحدود الكوارثية التي عرفتها الإنسانية.
أن تصل الأمور إلى هذا الحد، يعني ذلك أننا تخطينا موضوع «الهشاشة» كمشكلة و«المرونة» كحل، كما ورد في عنوان الحوار الإقليمي الذي نظّمه المعهد الدولي لإدارة المياه بالتعاون مع الأسكوا أول من أمس، حول «العلاقة بين المياه والطاقة والغذاء والهشاشة». فقد ساهمت الكوارث أخيراً في تخطي مواضيع الهشاشة والمرونة وبتنا أمام قضايا «وجودية» بكل معنى الكلمة. في هذه الحالة، كان يفترض أن تضاف إلى جدول الأعمال، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية والبيئية والاجتماعية ذات الصلة، القضايا السياسية، لا بل القضايا الإيديولوجية التي تتحكّم بالنظرة إلى المياه وسائر الموارد والحقوق على أنواعها.
بعد كل هذه الكوارث، باتت الحاجة باختصار إلى نظرة جديدة إلى الحياة والموارد، وإعادة النظر في مفهوم الحق وأصله. فكما أن سياسات المياه يجب أن لا تنفصل عن استخداماتها وكيفية ضبطها، كذلك لا يفترض أن ينفصل هذا المورد عن النظم الإيكولوجية التي ولدته، والتي تُعتبر في طبيعتها (من شمس وهواء ومساحات خضراء وبحار ومحيطات وتبخّر…) عابرة للحدود والدول… ما يحتم إعادة صياغة القوانين الدولية وفلسفة الحقوق. وكما أن المياه في طبيعتها التكوينية وفي جريانها عابرة للحدود، وجب التعامل مع مشاكلها، تماماً كما يتم التعامل مع قضايا تغيّر المناخ وانتقال الأوبئة والجوائح العابرة للحدود، ضمن سلسلة من القيم الجديدة، التي تحترم قوانين الطبيعة وحقوق الإنسان (أينما كان) وحقوق باقي الكائنات والأجيال القادمة. كما تحتم المشكلات التي أشرنا إليها، إعادة النظر في اتجاهات الخصخصة وتسليع المياه، باعتبار أن المياه مثل الهواء، حق من حقوق الإنسان (ملكية عامة) وعلى الحكومات أن تحمي مصادرها من التلوث وتعدل في توزيعها ضمن استراتيجيات تحترم النظم الإيكولوجية وتمنح الأولوية لمياه الشرب وإنتاج الغذاء على الترفيه… وترشيد الاستهلاك في القطاعات كافة.

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

صحة

مجموعة (أغورا) تنظّم جولة خليجية للتعريف بالتقدم الهائل للإمارات في المجال الصحي

Published

on

تعتزم مجموعة أغورا الإماراتية – الرائدة في تنظيم منصات الأعمال رفيعة المستوى – القيام بجولة ترويجية حصرية، مخصصة للمدعوين فقط، في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف تسليط الضوء على التقدم الهائل الذي حققته دولة الإمارات في مجال الرعاية الصحية، وتعزيز مكانتها كوجهة عالمية للعلاج المتخصص، وذلك بالتعاون مع دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي.

وأوضحت مجموعة أغورا في بيان صحفي أن الجولة، التي تضم 11 مستشفى حكوميًا وخاصًا رائدًا في دولة الإمارات، تستهدف كبار صناع القرار في القطاع الصحي، وشركات التأمين، ووكالات السفر الطبية في الكويت، على أن تنطلق فعالياتها في 25 نوفمبر الجاري بالكويت، وتستكمل في قطر يوم 26 نوفمبر، ثم البحرين في 10 ديسمبر المقبل.

وأكدت المجموعة أن المبادرة تهدف إلى ترسيخ مكانة الإمارات كدولة رائدة عالميًا في قطاع الرعاية الصحية، بما تقدمه من علاجات تخصصية متقدمة، وأبحاث طبية رائدة، ورعاية قائمة على أحدث التقنيات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطب الدقيق.

وأضافت أن الجولة ستعزز التعاون بين المؤسسات الصحية الإماراتية ونظيراتها في الخليج، بما يتيح للمرضى الاستفادة من خدمات علاجية عالمية المستوى ضمن بيئة قريبة ثقافيًا وجغرافيًا، ودون الحاجة للسفر إلى وجهات بعيدة.

رحلة أقصر نحو صحة عالمية المستوى

ويضم الوفد الإماراتي مؤسسات طبية رائدة تشمل: كليفلاند كلينك أبوظبي، M42، مدينة برجيل الطبية (BMC)، مدينة الشيخ شخبوط الطبية (SSMC)، صحة، مستشفى الكورنيش، مدينة الشيخ خليفة الطبية (SKMC)، سكينة، مدينة الشيخ طحنون بن محمد الطبية، ومستشفى توام.

وتُعد هذه المنظومة من أبرز المراكز المتقدمة في مجالات الجينوم، الطب الدقيق، الذكاء الاصطناعي التشخيصي، الأورام، زراعة الأعضاء، رعاية الحالات الطبية المعقدة، صحة المرأة والولادة، ورعاية حديثي الولادة.

M42 وفي هذا الإطار، قال الدكتور علي أنيس، الرئيس التنفيذي للعمليات في– الإمارات والبحرين في

“تؤكد مشاركتنا في جولة الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي التزام شركة

M42 بتعزيز التعاون الإقليمي، والارتقاء بجودة رعاية المرضى، وتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية المعزَّزة بالتكنولوجيا في جميع أنحاء الخليج. يتيح لنا هذا المنبر التواصل المباشر مع الشركاء وأصحاب المصلحة والمجتمعات، بينما نستعرض نموذج الرعاية المتكاملة لدينا ونعزز التحول من العلاج التفاعلي والطارئ إلى الرعاية الشخصية الوقائية والتنبؤية في المنطقة.”

وفي السياق نفسه، أكدت مدينة برجيل الطبية أن تركيزها الأساسي يتمحور حول تقديم رعاية عالمية المستوى تتمحور حول المريض. وجاء في بيان المستشفى:

“في برجيل، نركز على تقديم رعاية صحية عالمية المستوى تضع كل مريض في قلب الاهتمام. وبفضل خبراتنا المتقدمة في الرعاية المعقدة عبر مختلف التخصصات مثل الأورام، وطب زراعة الأعضاء، وطب الأجنة، وطب العظام وإعادة التأهيل، والمدعومة بالتقنيات الطبية المتطورة، نوفر علاجاً آمناً وشخصياً وموجهاً لتحقيق أفضل النتائج للمرضى باحتياجاتهم المتنوعة.

وبصفتها وجهة إقليمية مفضلة للخدمات التخصصية، تواصل مدينة برجيل الطبية توسيع قدراتها وبناء شراكات قوية تعزز وصول المرضى الدوليين إلى خدماتها. ونظل ملتزمين بتقديم حلول مبتكرة ومسارات رعاية متكاملة ومعيار موثوق من التميز، لضمان حصول المجتمعات في المنطقة على أعلى مستوى من الرعاية التخصصية اليوم وفي المستقبل.”

التزام إماراتي بخدمة الإنسان

من جانبها، أكدت ريم العريضي، الشريك الإداري في مجموعة أغورا، أن دولة الإمارات استثمرت بكثافة في بناء منظومة رعاية صحية تضاهي أفضل المؤسسات العالمية، مشيرة إلى أن الجولة التعريفية تهدف إلى إتاحة هذه الإمكانات للأشقاء في الكويت وقطر والبحرين ضمن إطار ثقافي ولغوي مشترك.

وقالت العريضي إن تعزيز العلاقات بين المؤسسات الصحية الإماراتية والخليجية يُعد خطوة رئيسية نحو توفير بديل موثوق وعالي الجودة للسفر العلاجي البعيد، بما يضمن حصول المرضى على أفضل رعاية متاحة في العالم.

Continue Reading

صحة

نشاط لتطعيم الأطفال في بمكين بتنظيم وزارة الصحة وبالتعاون مع الصليب الأحمر واليونيسف

Published

on

أُقيم اليوم في مبنى بلدية بمكين نشاط لتطعيم الأطفال بتنظيم وزارة الصحة العامة وبالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني، و اليونيسيف حرصًا على تعزيز الصحة الوقائية وحماية الأطفال في البلدة.

Continue Reading

صحة

مبادرة “كسر الصمت” … تعاونٌ بين مستشفى رزق والإعلامية ريما كركي

Published

on

مبادرة كسر الصمت

بمناسبة الشهر العالمي للتوعية حول سرطان الثدي، اتخذ المركز الطبي للجامعة اللبنانية الاميركية – مستشفى رزق خطوة جريئة ومختلفة نحو تعزيز الوعي، من خلال الكشف مع الإعلامية ريما كركي عن فيلم قصير مؤثّر بعنوان “خلّينا نحكي”، من إعدادها وتقديمها.

يبتعد الفيلم عن الرسائل التوعوية التقليدية، اذ تناول سرطان الثدي من بعدٍ أنثوي وعاطفي، فسلّط الضوء على الصراعات الصامتة التي تواجهها النساء وتأثير المرض على اجسادهن وانعكاسه على ثقتهن بانفسهن وهويتهن. كما دعا النساء إلى التعبير بكل صراحة وحريّة ومشاركة مشاعرهنّ، مع التركيز على أهمية الفحص المبكر والكشف الوقائي.  لذا يُعدّ هذا العمل أول معالجة للموضوع بهذه الجرأة في لبنان.

ونُظمّت بعدها حلقة نقاش أدارها رئيس قسم أمراض الدم والاورام الدكتور هادي غانم، وشارك فيها رئيسة قسم تصوير الثدي الدكتورة تمينا رزق، مديرة برنامج الزمالة في أمراض الدم والاورام الدكتورة كرستينا خاطر، الاستاذ المساعد في الطب النفسي الدكتور طوني  صوما، الاعلامية ريما كركي وامرأتان تغلّبتا على المرض: كارلا عبدو و ناديا الخوري. وتمحور النقاش حول الجوانب الطبية والنفسية والاجتماعية التي تواجه مرضى سرطان الثدي، مؤكدين ان الشفاء يتجاوز حدود العلاج الطبي ليشمل الدعم النفسي والمعني واهمية الحوار والوعي الذاتي.

على هامش حلقة النقاش، أشارت كركي في كلمة لمجلة Business Gate  إلى أهمية انتباه الاعلام للغة المستخدمة للحديث عن مرضى السرطان قائلة: “تستفزني كلمة انتصرت على المرض وعبارتي هزمها أو غلبها المرض وكأن الذين ماتوا هم أضعف من المعركة. من الأفضل القول شخص واجه المرض وبرأيي من ينتصر على المرض هو من عاش حتى اللحظة الأخيرة مقدراً نعمة الحياة ومؤمناً بيومياته وفرحه”. وأضافت أن لغة الهزيمة في الحديث عن موت الشخص بعد مواجهة المرض، غير عادلة.   

ومن خلال فيلم “خلّينا نحكي”، جدد المركز الطبي تأكيده السعي إلى تمكين النساء عبر تقديم الدعم الإنساني والمعرفي والعمل على نشر التوعية، مذكّراً كل إمرأة بأن “التعبير” وسيلة قد تصنع فرقًا حقيقيًّا.

يمكن مشاهدة الفيلم عبر الرابط أدناه:  https://www.instagram.com/reel/DPi0ZuDjNuv/?utm_source=ig_web_copy_link&igsh=MXU4ZHJxdzFvZWZ4cQ==

Continue Reading

exclusive

en_USEnglish