Connect with us

اقتصاد

سيناريوهات «غامضة» تحاكي «إجماع» نواب الحاكم على الاستقالة!

Published

on

أما وقد اقترب «الموس» من موقع حاكمية مصرف لبنان مع انقضاء ولاية الحاكم نهاية تموز الجاري، توجّهت الأنظار إلى موقف نواب الحاكم الاربعة الذين هدّدوا بالاستقالة الجماعية ما لم يُعيّن خلفه. وفيما كانت كل التطورات تنحو إلى تسلّم نائبه الأول مهمّاته، ظهر انّ حكومة تصريف الاعمال في مأزق نتيجة عدم الإجماع على حقّها في التعيين. وهو ما فتح الباب امام مجموعة من السيناريوهات الغامضة، وهذه عيّنة منها.

لم يعد هناك ما يثير الاستغراب في بلد بات فيه كل شيء وارداً، كأن يصحو اللبنانيون يومياً على أزمة وينامون على بروز أخرى. وهو أمر بات ثابتاً لا نقاش فيه في ظلّ سيل من الانهيارات المتلاحقة التي تتمدّد من قطاع إلى آخر وعلى مختلف المستويات. وفي الوقت الذي عجزت المنظومة، منذ إقفال صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية الاخيرة في 15 أيار العام الماضي، عن إتمام اي استحقاق دستوري، تعدّدت الأزمات وتنوّعت وجوهها. وإن طلب من اي مراقب تعداد البعض من هذه الأزمات يضطر عند إحصائها الى الانطلاق من مسلسل طويل، بدأ عندما عجزت المنظومة التي كانت تتحكّم بالبلاد والعباد، عن مواجهة أي استحقاق دستوري، وهو كان نتيجة حتمية للمناكفات السياسية والتي وضعت القانون والدستور على أعلى الرفوف، الى أن علاه الغبار الكثيف. فتمادوا في مواجهات بينية من دون مراعاة المصلحة الوطنية العليا التي ضاعت على وقع الاتهامات المتبادلة والتمترس خلف صلاحياتهم بطريقة أضاعت المسؤوليات، على الرغم من مجموعة النكبات التي عاشتها البلاد.

وعليه، وعند تعداد محطات الفشل والعجز التي ميّزت تلك الفترة، يمكن العودة إلى الفشل في تشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة المجلس النيابي الجديد على مدى الاشهر الخمسة الفاصلة عن نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون. وهو لم يخرج من قصر بعبدا قبل ان يقيلها بمرسوم مشكوك بدستوريته، في خطوة عزّزت الشكوك بما يمكن ان تنتهي اليه اوضاع حكومة تفتقر إلى أبسط المواصفات الدستورية لتقوم بممارسة ما انتقل إليها من صلاحيات الرئيس او ما يحق لها ممارسته. وما زاد في الطين بلّة، ثبوت عجز السلطة التشريعية عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية طوال المهلة الدستورية الفاصلة عن نهاية ولاية الرئيس السابق، وامتداداً على مدى الأشهر الثمانية التي عبرت في ظلّ خلو سدّة الرئاسة من شاغلها.

وقبل الدخول في تردّدات ما انتهت اليه هذه المحطات، وما تسببت به من مظاهر الأزمات الخانقة التي انعكست على مختلف وجوه الحياة في لبنان، بقي الهمّ المالي والنقدي من أخطر الأزمات التي استجرّت معاناة شعب بكامله، نتيجة ما عكسته على أوضاعهم المعيشية، وما أصاب السلطات الدستورية ومختلف المؤسسات الحكومية من وهن وشلل، أخرج البعض منها عن نطاق الخدمة الفعلية التي وُجدت من اجلها، وتراجعت ادوار البعض الآخر منها الى الحدود الدنيا. وهو ما هدّد بالفعل احتمال دخول البلاد لائحة الدول المارقة او المفلسة، نتيجة الإنهيار المالي والنقدي. وما انتهى اليه من جوع وفقر توسعت رقعته الى درجة لم يعرفها لبنان في أعتى الأزمات الدولية والإقليمية، والتي بقي في منأى عنها لفترات طويلة.

عند البحث في هذه المحطات، لا يمكن مقاربة الأزمة الناشئة عن قرب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة نهاية تموز الجاري، وما يمكن ان تعكسه في حال الفشل في توفير من يمارس صلاحياته الواسعة في مواجهة الأزمات المالية والنقدية والإدارية، التي يمكن ان تقود البلاد الى حيث لا يمكن الحدّ من مخاطرها واستيعاب تردّداتها. وهي مهمّة تفرض إلقاء الضوء على فقدان السلطة الشرعية المؤهّلة للنظر في هذه الاستحقاقات وطريقة مواجهتها في الداخل والخارج. فإلى المهمّات الداخلية تلقى على عاتقهم مسؤولية التعاطي مع وزارة الخزانة الاميركية والبنوك المراسلة التي تحتكرها واشنطن ومعها المؤسسات المالية والنقدية الدولية وتلك المكلّفة مراقبة هذه القطاعات وتصنيفها.

على هذه الخلفيات، وعند البحث في أسباب الأزمة الناشئة من تهديد نواب الحاكم بالاستقالة، يضطر المراقبون الى التذكير بالخطوات السياسية والإجراءات المالية والإدارية الخاطئة التي اتُخذت في العهد السابق، والتي قادت إلى ما نعيشه من أزمات كانت متوقعة بأدق تفاصيلها. وهي إن طُلب منها تحديد المسؤوليات فهي توزعها بالعدل والقسطاس على المسؤولين في المواقع المختلفة بلا استثناء. فالفشل في منع انتقال البلاد الى هذه المحطة الخطيرة حيث هي اليوم، يؤدي إلى إلقاء المسؤوليات على القيادات ورؤساء السلطات الدستورية بلا استثناء اي منهم، ولن توفّر السياسات التي اعتُمدت في إلقاء الاتهامات وتبادلها بين أعلى المواقع براءة اي منهم، إذ لم يعد هناك سر يخفي حجم الجرائم المرتكبة.

وبناءً على ما تقدّم، فإنّ البحث عن خلفيات التهديد بهذه الاستقالة الجماعية التي فاجأت الأوساط المالية دون السياسية، يلقي الضوء على مسلسل الرسائل التي يمكن استخدامها في أكثر من اتجاه. وهي ما زالت تخضع للبحث والتدقيق في عدد من الأوساط السياسية والقانونية والمالية، وإنّ مقاربتها تقود الى بعض الملاحظات ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

– إعادة المبادرة إلى مراجعهم السياسية للتحكّم بمستقبل الحاكمية، وأولها استجرار صلاحيات إضافية لحكومة تصريف الأعمال لتعيين بديل من الحاكم. فمن نصّبهم في مواقعهم يعانون من ضيق التشريعات التي تسمح بمثل هذه الخطوة، وينتظرون اللحظة التي سيناشدهم فيها المعارضون تعيين البديل، وهو ما أسرّ به أحد الذين يدورون في فلك رئيس الحكومة قبل أيام.

– احتمال الانتقال إلى مرحلة وضع اليد على كل صلاحيات الحاكم، بعدما تبيّن انّ ما نصّ عليه قانون النقد والتسليف يجعل مجموعة من صلاحيات الحاكم لصيقة بشخصه ولا يمكن نقلها الى نائبه الاول الذي يطمح فريقه السياسي إلى نيل الإذن المسبق لجهة التصرّف بموجودات مصرف لبنان المختلفة كاملة.

– رفع المسؤولية مسبقاً عن اشخاص يديرون القطاع النقدي ـ وإلى أمد غير محدّد، في ظلّ خلو سدّة الرئاسة من شاغلها- عن اي تدهور مريع متوقع لسعر العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي، وهو ما يتنبأ به كثر من اليوم. وما يثير القلق سلفاً، انّ المنصب بات في أيدي فريق واحد يُمسك بالملف المالي كاملاً في وزارة المال كما في النيابة العامة المالية وديوان المحاسبة.

وعليه، فإنّ مثل هذه الملاحظات تنهي مفاعيل الإشارة قبل أيام الى أنّ زيارة النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري لواشنطن كانت إيجابية وناجحة. قبل ان يتسرّب العكس بالحديث عن موقف اميركي رافض للخطوة وبطريقة ملتبسة تثير الشكوك في صحّة هذا الادّعاء وعكسه في آن، في ظل غياب من هو قادر على تأكيد الموقف الاميركي أو نفيه.

وختاماً، وقياساً على ما تقدّم، فإنّ وجود قراءة منطقية ومتكاملة لخطوة نواب الحاكم، والأسرار الكامنة وراء موقفهم الموحّد أمر صعب. وليس من السهل على احد الحسم في شأنه، وهو ما يفتح الباب واسعاً امام مجموعة من السيناريوهات الغامضة التي ستتفاعل إلى أجل غير محدّد.

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

اقتصاد

البنك الدولي: نمو مرتقب بنسبة 4.7% في اقتصاد لبنان عام 2025

Published

on

أصدر البنك الدولي تقرير “المرصد الاقتصادي للبنان – ربيع 2025” بعنوان “تحوّل في المسار؟”، مشيرًا إلى أن الاقتصاد اللبناني قد يشهد نموًا بنسبة 4.7% في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عام 2025، مدفوعًا بالتقدم المتوقع في تنفيذ خطة حكومية متعددة القطاعات للإصلاح، وتعافي قطاع السياحة، وارتفاع الاستهلاك، إلى جانب تدفقات رأسمالية وافدة رغم محدوديتها.

وأشار التقرير إلى أن هذا النمو المرتقب لا يُخفي واقع الاستقرار السياسي والأمني الهش في البلاد، فضلًا عن استمرار الأزمة المالية غير المعالَجة، والتي ما زالت تعيق تدفّق الاستثمارات الخاصة والتمويل الخارجي الضروريين للنهوض الاقتصادي.

وفي المقابل، عدّل البنك الدولي تقديراته لانكماش الناتج المحلي لعام 2024 إلى 7.1% بدلًا من 5.7%، ما يرفع التراجع التراكمي في الناتج منذ عام 2019 إلى نحو 40%، وهو ما يعكس عمق الأزمة المستمرة.

وبحسب التوقعات، قد يتراجع معدل التضخم في لبنان إلى 15.2% في عام 2025، بافتراض استمرار استقرار سعر الصرف وتراجع التضخم العالمي، في حين يُرتقب أن تؤدي زيادة الإيرادات العامة، وإقرار موازنة متوازنة، إلى تحسين محدود في الإنفاق على الخدمات الأساسية، رغم استمرار الضغوط المالية الكبيرة، ما يتطلب إصلاحات هيكلية أوسع لضمان الاستدامة.

وقال المدير الإقليمي لإدارة الشرق الأوسط في البنك الدولي، جان كريستوف كاريه، إن التطورات السياسية الأخيرة أحيت الزخم نحو الإصلاح، ووفرت فرصة لمعالجة جذور الأزمات المركبة في لبنان، مشددًا على أهمية تبنّي تدابير قابلة للتنفيذ وذات أثر ملموس.

وسلّط التقرير الضوء على المخاطر الناجمة عن حالة عدم اليقين في بيئة التجارة العالمية، لافتًا إلى أن الأثر المباشر على لبنان قد يكون محدودًا نظرًا لانخفاض نسبة الصادرات إلى الأسواق الكبرى، لكنه نبّه إلى احتمال تأثيرات غير مباشرة قد تطال الاستثمار والتضخم والنشاط الاقتصادي عبر القنوات العالمية.

وتناول التقرير تحليلًا مفصلًا لاتجاهات التضخم وسعر الصرف الفعلي الحقيقي، مشيرًا إلى أن تدهور سعر صرف الليرة كان العامل الأبرز خلف موجات التضخم منذ عام 2019. وأوضح أن اتساع الدولرة قد يساهم في استقرار معدلات التضخم مستقبلاً، ولكنها ستبقى أعلى من المتوسط العالمي بفعل عوامل محلية مستمرة.

وتضمّن التقرير “فصلًا خاصًا” يتناول خطة عمل إصلاحية لمدة عام، مستندة إلى خبرات البنك الدولي في لبنان على مدى عقدين، وتتضمن إجراءات مجدية وقابلة للتطبيق تنسجم مع أولويات الحكومة الحالية، بهدف استعادة الاستقرار المالي، وتعزيز ثقة المواطنين، وتأسيس نموذج تنموي اقتصادي جديد ومستدام.

Continue Reading

اقتصاد

تصاعد الصراع الإيراني الإسرائيلي.. ارتفاع في أسعار الذهب

Published

on

انتعش الذهب يوم الثلاثاء، إذ تسبب تنامي الضبابية الجيوسياسية الناجمة عن القتال بين إسرائيل وإيران ودعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإخلاء طهران إلى إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.4 بالمئة إلى 3396.67 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 02:39 بتوقيت غرينتش بعد انخفاضه بأكثر من واحد بالمئة يوم الاثنين.

واستقرت العقود الأمريكية الآجلة للذهب عند 3416.30 دولار.

وقال تيم واترر كبير محللي الأسواق لدى كيه.سي.إم تريد “لا تزال معنويات السوق تتأرجح بين التصعيد والتهدئة فيما يتعلق بالأحداث في الشرق الأوسط، وهذه التحولات في المعنويات ذهابا وإيابا هي ما يقود تحركات سعر الذهب على جانبي مستوى 3400 دولار”.

Continue Reading

اقتصاد

الذهب قرب أعلى مستوى في شهرين.. هذا ما سجله

Published

on

سجلت أسعار الذهب ارتفاعا، خلال تعاملات الاثنين المبكرة، لتقترب من أعلى مستوياتها في شهرين في ظل لجوء المستثمرين لأصول الملاذ الآمن بعدما أثار تبادل القصف المكثف بين إسرائيل وإيران مخاوف من نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقا.

لم يشهد الذهب تغيرا يذكر في المعاملات الفورية مسجلا 3428.89 دولار للأونصة (الأوقية) بحلول الساعة 0508 بتوقيت غرينتش بعد أن بلغ أعلى مستوياته منذ 22 نيسان في وقت سابق من الجلسة.

لكن العقود الأميركية الآجلة للذهب انخفضت 0.1 بالمئة إلى 3448.10 دولار، بحسب بيانات وكالة رويترز.

Continue Reading

Trending