Connect with us

اجتماع

الفساد الغذائي يجتاح لبنان… هل من داعٍ للقلق؟

Published

on

يتصدر الأمن الغذائي في كل فترة المشهد الإعلامي، لما من مؤثرات سلبية يمكن أن تطال هذا المجال. هذا القلق يتنامى لدى المواطنين جرّاء الخوف من وجود أطعمة ومأكولات غير صالحة أو مطابقة للمواصفات تُباع في السوق اللبناني، والسبب يعود إلى
انتشار عدّة فيديوات تظهر أطعمة معفنة أو حشرات داخل علب المأكولات، بموازاة ارتفاع عمليات ضبط أغذية فاسدة في الأسواق، وحصول حالات وفاة أحياناً نتيجة التسمم، آخرها وفاة داوود عبد الكريم أمين في البقاع.

إزاء هذا الواقع، تطرح تساؤلات، هل باتت حياة المواطنين في خطر، وهل من داعٍ للقلق؟ أين وزارة الاقتصاد و#وزارة الصحة وكل المؤسسات المعنية لا تقوم بعملها؟ أين المؤسسات الرقابية؟

“الفساد الغذائي”
في حديث لـ”النهار”، تؤكد الدكتورة ونائبة رئيس جمعية المستهلك ندى نعمة، أنّ السلامة الغذائية في لبنان ليست حدثاً مستجداً، بل كانت موجودة قبل الأزمة الاقتصادية، وهي لم تُعالج بطريقة صحيحة، ما فاقم أزمتها أسوة بالأزمات الأخرى المتراكمة، معربة عن أسفها لأننا “لم نكن يوماً مؤمنين بسلامة الغذاء السليم، أمام سوء الرقابة الموجودة وتدني القدرة الشرائية للناس، إذ لم يعد المستهلك يكترث لجودة الطعام، بل همّه الوحيد مراقبة ارتفاع الأسعار اليومي”.

وتضيف نعمة: “جاهدنا كجمعية لإقرار قانون سلامة الغذاء، ولكنه لم يُطبق لغاية اليوم، ولا نزال نعمل بقوانين عمرها أكثر من ستين عاماً”.

وعن الفيديوات المنتشرة عن الأطعمة الفاسدة، اعتبرت نعمة أنّ السبب الرئيسي لتكاثر هذه الظاهرة هو “الاستهتار”، فضلاً عن جشع المسؤولين، مؤكدةً أنّه في ظلّ غياب الرقابة، معظم المؤسسات “فاتحة على حسابها”، ومنها مؤسسات كبيرة، لها اسمها في السوق اللبناني. ولهذا، فإن معظم المخالفات والشكاوى ترد ضدّ مؤسسات معروفة. أما بالنسبة لل#مطاعم الصغيرة غير القادرة على تصريف جميع مأكولاتها، ينبغي عليها شراء كميات ضئيلة، خصوصاً أنّ عمر الغذاء يتدهور جراء سوء التخزين”.

مع العلم أن الوزارات والهيئات المسؤولة عن مراقبة تطبيق هذه القواعد، عديدة، منها وزارة الاقتصاد المسؤولة عن عمليات الضبط، ودور وزارة الصحّة في حال ورود حالات تسمّم. وكانت قد أُطلقت الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء ويتركز عملها على توحيد جهود الوزارات، لكنها لم تبصر النور، بسبب الاختلاف على المحاصصة الطائفية.

غياب الرقابة وأرقام دقيقة
وفي حين تتكاثر حالات التسمّم، الأمر الذي بات واضحاً على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت وزارة الصحّة جدولاً عن البيانات الوبائية، يظهر عدد حالات التسمّم في مختلف المناطق اللبنانية، منذ بداية هذا العام. واللافت في البيانات أنّ معظم المناطق، خصوصاً النائية، لم تسجّل أيّ حالة تسمّم، ما يطرح علامات استفهام بشأن دقة هذه البيانات والأرقام.
وبحسب الجدول، تظهر النتائج الآتي:
-76 حالة تسمّم منذ بداية هذه السنة في منطقة بعلبك، اذ سجلت 75 حالة في شهر نيسان فقط.
-10 حالات في البقاع الغربي.
– حالة واحدة في عاليه.
-4 حالات في المتن.
-3 حالات في النبطية (بالرغم من ضبط أكثر من 500 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة في إحدى الملاحم في بلدة كفررمان أدّت الى تسميم العديد من الأفراد).
-6 حالات في صور.
ولم تسجّل أي حالة تسمم في كلّ من طرابلس، عكار وجبيل.

هل من داع للخوف؟
من جهته، اعتبر الدكتور في الجامعة اللبنانية الأميركية حسين حسن أنّ “ما يحصل على مواقع التواصل الاجتماعي هو أمرٌ مبالغ به، وهذه الأمور لطالما وجدت، لكن ما تغيّر هو عصر مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها على نطاق واسع. كما لفت الى أنّه خلال زياراته منشأة عالمية، لاحظ أنّ حالات مماثلة موجودة، من السويد، أميركا، كندا وصولاً الى فنلندا، وهي دول تتمتّع بأفضل أنظمة سلامة الغذاء، وبالرغم من ذلك تحصل بعض “الهفوات”، ويُعثر على مواد غير مطابقة أو ضارّة”.

لكن في المقابل، اعتبر حسن أنّ السلامة الغذائية في لبنان ليست بأفضل حالاتها، وهي جزء لا يتجزأ من مشاكل البلد، ولا يمكن حلّها قبل بلورة الحلول الأساسية. وما فاقم الحالة هو أزمة الكهرباء، واضراب القطاع العام ناهيك عن تردي الأوضاع الاقتصادية.

وفي ما يخصّ حالات التسمّم في المطاعم، شدّد حسن على أنّ “فترة حضانة الجرثومة تكون من ساعة إلى 36 ساعة، وبالتالي من المهمّ توعية المواطن على أنّ التسمم ليس بالضرورة أن يكون ناتجاً عن “أكل المطاعم”، اذ بإمكانه أن يكون بسبب شيء ما استُهلك في المنزل، لذا لا يجب إلقاء اللوم من دون خوض فحوصات تسمى diet history”.

وشرح حسن الإجراءات التي يمكن لأي مواطن اتباعها، للتخفيف من خطورة التسمّم، وهي:

-غسل الأيدي قبل تناول الطعام (اثبتت الدراسات أنّ 80 في المئة من زوار المطاعم لا يغسلون أيديهم قبل تناول الأكل، ويستخدمون في بعض الأحيان الـ hand gel الذي لا يُعتبر بديلا عن الغسيل)، وشرح حسين أن الجرثومة الموجودة على الأيدي قد تلوث الطعام “النظيف”.
– تجنب تناول الطعام النيء (سلطة، لحمة نية…) خصوصاً في فصل الصيف، اذ تتكاثر الجراثيم جراء الطقس، ومن الأفضل اللجوء الى الطعام المطبوخ.
-التدقيق اذا كان المطعم يحمل شهادات جودة، مثل الـiso أم غيرها، ما يمنح ثقة لدى المواطن.

في المقابل، ما الذي بإمكان المواطن فعله للتخفيف من خطر الإصابة بالأمراض في منزله؟
-تجنب شراء المواد “الفلت”، خصوصاً في المناطق النائية واللجوء الى المواد التي تتمتع بعلامة تجارية.
-نظراً لأزمة الكهرباء، من المهّم معرفة كيفية تخزين المنتجات، ففي حال كان المنتج بحاجة الى تبريد، لا يمكن انقطاع البرودة عنه لأكثر من أربع ساعات، ومن الأفضل عدم تخزين مواد معرّضة للتلف (مواد تحتوي على بروتين).
-في حال كان التبريد يقلّ عن ثلاث ساعات، فمن الأفضل أن يجمّد المواطن عبوات مياه، ويضعها على الرفوف في حال انقطاع التيار الكهربائي، وبهذه الطريقة يُحافظ على الحرارة التي يجب أن تكون بين 1-4 درجات.
-التأكّد من تاريخ الصلاحيات.
-وضع ملح أو ورق غار مع الحبوب لامتصاص الرطوبة والمحافظة عليها.

ما هو الحلّ لضبط هذه الظاهرة؟
يعتبر الباحث الإحصائي عباس طفيلي في حديث لـ”النهار” أنّ من الحلول البسيطة للسيطرة على “الوضع المتفلت” هو فرض غرامات مالية أو اغلاق المطاعم التي تخالف أبسط معايير السلامة الغذائية، ناهيك عن ملاحقة المموّل، أي المصدر أو التاجر الأساسي الذي يزوّد المطاعم أو المحلات بالطعام الفاسد، منها اللحوم، لافتاً الى أنّ جزءاً كبيراً من اللحوم في لبنان مستورد (من الهند أو كولومبيا)، تالياً من الممكن كشف المصدر وسحب رخصة الاستيراد.

ويشير الى أنّ جميع الحالات التي تطفو على سطح الإعلام هي دلالة على الاستهتار بحياة الناس وبالإدارة الرسمية ويجب اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الملف، وتسجيل محاضر ضبط وسحب رخص وغرامات مالية بغية تلقين درس لجميع التجار، و إظهار هيبة الدولة.

ويلفت الى أنّ “العديد من المنتجات تحتوي على مواد كيماوية لا نعلم تداعياتها في الجسم، خاصةً أنّ لبنان بؤرة للأمراض السرطانية، مشيراً الى حادثة ضبط حصلت مع الوزير السابق وائل بو فاعور، حيث ضبط حينذاك علامة تجارية تستخدم موادّ مسرطنة في منتجاتها، وسبّبت تسمّم العديد من المواطنين.

وتبقى الحلول رهن انتظار الوزارات المعنية بتحمّل مسؤولياتها في ضبط التفلت المتزايد. وتطبيق المادة 3 من قانون السلامة الغذائية التي تنصّ على أنّه “يجب على كل محترف، مزارع أو مؤسسة تثبيت أن الغذاء المنتج أو المستورد الذي يضعه بتصرف المستهلك، مطابق للمواصفات المعتمدة وسليم وصالح للاستهلاك البشري، ضمن إطار عمله، ولا ينتج عنه أي ضرر يلحق بصحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة”، لكن هل يُطبّق في لبنان؟

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

اجتماع

كبارة وحبيب في بكركي

Published

on

زار سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة ورئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي اليوم لتهنئته بالأعياد.

وبعد اللقاء، أدلى كبارة بتصريح هنأ فيه بالأعياد، آملًا في “انتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور عامين على الفراغ الرئاسي”.

أما حبيب، فقال: “جئنا لتهنئة غبطة البطريرك الراعي بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة، ونتمنى أن ينتخب مجلس النواب رئيسًا للبلاد في ٩ الحالي وتأليف حكومة جديدة في القريب العاجل كي يرتاح الشعب اللبناني من الأزمات المتواصلة منذ سنتين حتى اليوم.”

وردًا على سؤال عن أمنياته في العام الجديد، أمل في “إعادة فتح شارع المصارف في بيروت، وبالتالي إعادة الحياة إلى وسط المدينة، لما يمثله هذا الشارع من أهمية حيوية للمنطقة.”

Continue Reading

اجتماع

سلسلة استقبالات لبري وتتبّع لتطورات الأوضاع

Published

on

استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، رئيس لجنة المراقبة لتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الاميركيّ جاسبر جيفيرز.

وحضرت السفيرة الاميركية لدى لبنان ليزا جونسون والمستشار الإعلاميّ لرئيس المجلس علي حمدان.

وعرضوا الأوضاع الميدانية منها على ضوء مواصلة إسرائيل خرقها لبنود الإتفاق.

كما استقبل بري وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو والوفد المرافق وبحثوا الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.

وتابع بري الأوضاع العامة والمستجدات السياسية، خلال لقائه السفير البابويّ في لبنان المطران باولو بورجيا، السفير بورجيا رئيس المجلس رسالة قداسة البابا فرنسيس في اليوم العالميّ الثامن والخمسين للسلام وكتابًا عن مذكراته.

Continue Reading

اجتماع

مواكبة لمتطلبات المرحلة و رياح التغيير المفصلية ، قراءة لزيارة بيك الجبل و الوفد المرافق لقصر المهاجرين التاريخية:

Published

on

في خطوة تُعدّ من أبرز المحطات على صعيد العلاقات التاريخية والسياسية في المنطقة، جاءت زيارة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين المسلمين المعروفيين ، الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، والزعيم وليد كمال جنبلاط ونجله تيمور ، برفقة وفد كبير ورفيع المستوى، إلى قصر المهاجرين التاريخي هذه الزيارة، التي تعتبر الأولى من نوعها، تحمل دلالات بالغة الأهمية وتعكس تحولات استراتيجية عميقة في مسار العلاقات السياسية والاجتماعية في المنطقة.

قصر المهاجرين ليس مجرد مكان تاريخي بل يمثل رمزاً من رموز الإرث الثقافي والسياسي لسوريا، وهو شاهد على العديد من التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد و اختيار هذا المكان بالتحديد يُبرز بُعداً رمزياً في إعادة تأكيد الروابط التاريخية بين طائفة الموحدين الدروز وسوريا، ويعكس الرغبة في تعزيز الحوار والتفاهم في ظل الظروف الإقليمية الراهنة.

إن وجود شيخ عقل الطائفة والزعماء السياسيين في هذه الزيارة يعكس التمسك بجذور العلاقة العميقة التي تربط الدروز بسوريا على المستويات الدينية، الاجتماعية، والسياسية بحيث تأتي الزيارة في وقت حساس تمر فيه المنطقة بتحديات وتحولات كبيرة وبالتالي، فهي إشارة واضحة إلى نية القيادة الدرزية في تعزيز الانفتاح والحوار مع الأطراف المختلفة، مما يمهد الطريق للتعاون المستقبلي و من خلال هذه الخطوة يظهر رغبة الزعامات الدرزية في تأكيد وحدة الصف والهوية المشتركة بين أبناء الطائفة، والعمل على تعزيز الروابط الإنسانية والاجتماعية بعيداً عن الخلافات السياسية و تحمل الزيارة أبعاداً تتجاوز الإطار المحلي للطائفة، إذ إنها تأتي كخطوة تهدف إلى ترسيخ دور الطائفة الدرزية كلاعب و مكون أساسي في المعادلة الإقليمية، خاصة في ظل التحديات الراهنة.

زيارة قصر المهاجرين ليست مجرد لقاء عابر بل هي محطة محورية تؤسس لمرحلة جديدة من العمل المشترك والانفتاح في إطار التحديات والتغيرات التي تعصف بالمنطقة هي دعوة للتأمل في دور القيادات الروحية والسياسية في تعزيز الحوار، والعمل على بناء جسور التواصل بين الماضي والحاضر لتحقيق مستقبل أكثر استقراراً.

✍️نـزار بو علي
كاتب و باحث لبناني
عضو مجلس رجال الاعمال العرب
عضو مجلس سفراء البورد الاوروبي

Continue Reading

Trending