Connect with us

اقتصاد

أهمية صناديق الثروة السيادية لاقتصاد الدولة

Published

on

عندما تكتشف دولة ما، مصادر طبيعية من القيمة الهائلة كالنفط، يمكن لهذه الدولة أن تستفيد بشكل كبير من تلك الثروة من خلال تأسيس صندوق لإدارة الثروة السيادية. هذه الصناديق تمثّل أداة قوية للتحكم في موارد الدولة وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال تنويع مصادر الدخل والحفاظ على الاستدامة المالية في وجه التحديات المتعددة، وخاصةً تلك المتعلقة بالفساد والرشوة.

تعدّ صناديق الثروة السيادية هياكل استثمارية تهدف إلى تنويع مصادر دخل الدولة وتحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل. من خلال تخزين جزء من إيرادات النفط في هذه الصناديق، يمكن للدولة تحقيق توازن بين استهلاك الثروة والاستثمار الذكي لضمان الازدهار المُستدام. وبالإضافة إلى ذلك، تمثل هذه الصناديق وسيلة للحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة من خلال توجيه الاستثمارات نحو مشاريع تنموية مستدامة.

من المهم أيضاً أن نسلّط الضوء على الجانب الاقتصادي لهذه الصناديق. فعندما تكون الدولة معرّضة لمشكلات الفساد والرشوة، يمكن أن يساهم تأسيس صندوق الثروة السيادي في تقليل تلك المخاطر. حيث تعمل هذه الصناديق كجهة مستقلة تدير الأموال بشفافية ومسؤولية، مما يقلل من فرص التلاعب والفساد في إدارة الموارد الوطنية.

علاوة على ذلك، تساهم صناديق الثروة السيادية في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي. فعندما تتم إدارة الثروة بشكل جيد واستثمارها في مشاريع تنموية، يمكن أن يحقق الاقتصاد نمواً مستداماً وتحسيناً في جودة الحياة للمواطنين. وهذا بدوره يقلّل من التوترات الاجتماعية ويعزّز من استقرار البلاد.

ويمكن أن نتعلم من التجارب الماضية وندرك أهمية تأسيس صندوق الثروة السيادي كوسيلة للحد من الفساد والرشوة وتحقيق التنمية المستدامة. على الرغم من التحديات التي يمكن أن تواجهها الدولة في تطبيق هذا النموذج، إلا أن الاستفادة من الخبرات والممارسات الناجحة ستكون خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

وفي سبيل تحقيق الاستفادة القصوى من الثروات النفطية والغازية، أسّست النرويج صندوق الثروة السيادي في عام 1990، والمعروف باسم «صندوق الثروة السيادي النرويجي» أو الصندوق السيادي للتحفيز. يهدف الصندوق إلى توجيه جزء من إيرادات النرويج من مبيعات النفط والغاز إلى استثمارات طويلة الأجل، وذلك لضمان استدامة الثروة وتحقيق الازدهار المُستدام.

ما يُميّز تجربة النرويج في إدارة صندوقها السيادي، الشفافية والمسؤولية في إدارة الأموال. فالصندوق يعتمد على معايير محددة لاستثمار الأموال في مشاريع تستفيد منها الأجيال الحالية والمستقبلية. تتميز استثمارات الصندوق بالتنوع والتوزيع الجغرافي لتقليل مخاطر الاستثمار وزيادة العائدات.

واحدة من الدروس المستفادة من تجربة النرويج هي أهمية فصل صندوق الثروة السيادي عن السياسة الحكومية. تتم إدارة الصندوق بشكل مستقل عن الحكومة، مما يضمن استمراريته وعدم تأثره بتغيّرات الأوضاع السياسية. هذا يحمي الأموال من الاستخدام السياسي والتلاعب، ويحافظ على استدامة الاستثمارات.

يُعَدّ تأثير صندوق الثروة السيادي النرويجي على الاقتصاد ملموسًا، حيث يُساهم في دعم النمو الاقتصادي المستدام وتحقيق التوازن المالي. وبفضل توجيه الاستثمارات نحو قطاعات متعددة مثل الأسهم، والسندات، والعقارات، يُحقق الصندوق عوائد مالية مستدامة تُسهِم في تعزيز الثروة الوطنية.

وتُظهِر تجربة النرويج مدى أهمية صناديق الثروة السيادية في تحقيق التنمية المستدامة ومواجهة تحديات الفساد والرشوة. من خلال تأسيس صندوق مستقل وشفاف، يمكن للدول الاستفادة من الثروات الوطنية بطريقة تضمن استمرارية الاستثمارات وتحقيق الرفاهية للأجيال الحالية والمستقبلية. تجربة النرويج تعكس النموذج الناجح الذي يمكن للدول الأخرى أن تستلهم منه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء اقتصاد قوي ومستقر.

ولا شك في أن اكتشاف النفط والغاز في لبنان يعتبر حدثًا تاريخيًا يمكن أن يحمل الكثير من الفرص والتحولات للاقتصاد اللبناني. تفتح هذه المصادر أمام لبنان أفاقًا جديدة لتحقيق التنمية والاستقرار، ولكن مع ذلك هناك تحديات كبيرة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وإدارة شفافة.

الفرَص

تنويع مصادر الدخل: يمكن للنفط والغاز أن يكونا مصدرَي دخل جديدين يخففان الاعتماد على القطاعات الأخرى مثل السياحة والخدمات. هذا التنويع يساعد في تقليل تأثير الصدمات الاقتصادية المحتملة.

زيادة الإيرادات الحكومية: ستُسهِم مبيعات النفط والغاز في زيادة الإيرادات الحكومية، ما قد يُسهِم في تحسين الخدمات العامة وتقديم فرص عمل جديدة للمواطنين.

جذب الاستثمارات: يمكن أن تجذب الاكتشافات النفطية الاستثمارات الأجنبية إلى لبنان، ما يؤدي إلى نمو اقتصادي وتطوير قطاعات مختلفة.

تحسين البنية التحتية: من الممكن أن تسهم الإيرادات من النفط في تحسين البنية التحتية للبنان، ما يسهم في تعزيز قدرته على جذب المزيد من الاستثمارات.

التحديات

التحديات البيئية: يجب أن يتم استخراج النفط والغاز بطرق صديقة للبيئة ومستدامة لتجنّب التأثيرات البيئية السلبية.

إدارة الثروة: يجب وضع استراتيجية واضحة لإدارة الثروة النفطية بشكل فعّال وشفّاف لضمان أن تعود الفوائد للمواطنين وتستثمر في تنمية مستدامة.

الفساد والرشوة: يجب أن يتم التعامل مع تحديات الفساد والرشوة بشكل جاد ومستمر لضمان أن الإيرادات لا تنهمر في جيوب القلة على حساب المجتمع بأكمله.

التنسيق الحكومي: يجب أن يتم التنسيق الجيد بين الجهات الحكومية المختلفة لضمان تطبيق استراتيجية موحدة وفعّالة للاستفادة من الثروة النفطية.

باختصار، يمكن أن تكون اكتشافات النفط والغاز فرصة حقيقية لتحقيق التنمية والازدهار في لبنان، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بحذر وتخطيط جيد لضمان استفادة المجتمع بأكمله من هذه الثروة الوطنية. وقد تكون تجربة الدول الأخرى في هذا المجال، مثل النرويج، بمثابة دروس قيّمة للبنان لتحقيق أقصى استفادة من الفرص المتاحة.

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

اقتصاد

ماذا حدث لأسواق إيران وإسرائيل بعد حرب الـ12 يوما؟

Published

on

بعد مرور 40 يومًا على توقف الصواريخ بين إيران وإسرائيل، بدأت تتضح ملامح التأثيرات الاقتصادية المختلفة للحرب التي استمرت 12 يومًا وانتهت في يونيو/حزيران، والتي كبّدت الطرفين خسائر مالية كبيرة، لكن بنتائج متباينة جذريًا.

فبينما دخل الاقتصاد الإيراني في دوامة من الانهيار، أظهرت مؤشرات السوق الإسرائيلية قدرة ملحوظة على التعافي، مدفوعة بهيكل اقتصادي أكثر تنوعًا، ومؤسسات مالية أكثر شفافية، وعلاقات راسخة بالأسواق العالمية.

الاقتصاد الإيراني: خسائر فادحة وعجز عن الاستجابة
قدّرت منصة “إيران واير” الخسائر الإيرانية المباشرة وغير المباشرة بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، في ظل اقتصاد مُثقل أصلًا بالعقوبات والتضخم.

سجّل الريال الإيراني تراجعًا حادًا خلال الصراع، إذ انخفض من 820 ألف تومان للدولار إلى نحو 880 ألفًا، وسط تقلبات حادة وتوقف شبه تام لنشاط تجار العملات بانتظار مؤشرات سياسية خارجية.

كما تدهورت سوق الأسهم الإيرانية بعد إعادة فتحها في 28 يونيو، رغم تدخل البنك المركزي بضخ نحو 60 تريليون تومان (680 مليون دولار)، وفرض قيود صارمة على التداول. ومع ذلك، تراجعت البورصة بنسبة 5% عن مستويات ما قبل الحرب، وخسرت نحو 40% من قيمتها الحقيقية بسبب موجات بيع واسعة وهروب المستثمرين.

بلغت الأزمة ذروتها في 9 يوليو، حين اقتحم مستثمرون غاضبون مبنى بورصة طهران احتجاجًا على خسائرهم.

وفي السياق الأوسع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 10% في يونيو، وتزايدت معدلات البطالة، وسط ما وصفه المسؤولون بـ”الركود العميق”. وشُلّت قطاعات واسعة من الاقتصاد بسبب الانقطاعات المتكررة في الكهرباء والغاز والمياه، ما أدى إلى توقف الإنتاج في معظم القطاعات غير الأساسية.

ويحذر خبراء من دخول إيران في “حلقة مفرغة”، حيث تمنع أعباء الحرب ومشكلات البنية التحتية النمو الاقتصادي المطلوب لتجاوز الأزمة.

إسرائيل: خسائر أقل وانتعاش أسرع
من جهته، أعلن البنك المركزي الإسرائيلي عن خسائر مباشرة بقيمة 12 مليار دولار، مع تقديرات مستقلة تشير إلى أن التكاليف الإجمالية قد تصل إلى 20 مليار دولار.

ورغم ذلك، أظهرت الأسواق الإسرائيلية قدرة ملحوظة على امتصاص الصدمة:

ارتفعت قيمة الشيكل بنسبة 8%، من 3.68 إلى 3.35 شيكل مقابل الدولار.

قفز مؤشر TA-35 بنسبة 12.7%، بينما سجّل مؤشر TA-125 الأوسع نطاقًا ارتفاعًا بنحو 8%.

بلغت الأسواق الإسرائيلية أعلى مستوياتها خلال 52 أسبوعًا في 19 يونيو – اليوم ذاته الذي زعمت فيه وسائل إعلام إيرانية أن صواريخ الحرس الثوري “دمرت” الحي المالي في تل أبيب.

ورغم ارتفاع معدل البطالة مؤقتًا إلى 10% في يونيو، إلا أنه عاد سريعًا إلى 2.9%. وبلغ معدل التضخم 3.3% فقط، مقارنة بـ40.1% في إيران.

وظلت شركات التكنولوجيا ومعظم الصناعات الإسرائيلية تعمل دون انقطاع، حيث بقي نحو 95% من المصانع نشطًا خلال فترة القتال.

وساهم الشفافية الحكومية والإفصاح المالي المستمر – بخلاف الغياب شبه الكامل للأرقام الرسمية من طهران – في استعادة ثقة المستثمرين بسرعة.

بنية الاقتصاد تُحدد مصير ما بعد الحرب
كشفت نتائج الحرب عن التباين العميق في هيكلي الاقتصادين:

تعتمد إيران بشكل أساسي على صادرات النفط وتفتقر إلى قاعدة صناعية متنوعة، كما أنها معزولة عن الأسواق العالمية.

في المقابل، تستند إسرائيل إلى اقتصاد متنوع قائم على الابتكار والتكنولوجيا، ولديها علاقات مالية دولية واسعة.

هذا الفارق البنيوي ساهم في سرعة تعافي الأسواق الإسرائيلية، في وقت تعاني فيه إيران من أزمة متصاعدة وغياب محفزات داخلية قادرة على إحياء النشاط الاقتصادي.

الرواية الإعلامية… واقع مغاير
في حين تحاول وسائل الإعلام الإيرانية التقليل من حجم أزمتها الاقتصادية، مركزة على ما تصفه بـ”الارتباك في الأسواق الإسرائيلية”، تظهر الأرقام والمؤشرات الرسمية أن الرواية مختلفة تمامًا.

وبينما تواجه إيران فترة تعافٍ طويلة ومؤلمة، تبدو إسرائيل في موقع أقوى لإعادة تثبيت استقرارها الاقتصادي، رغم التحديات الأمنية المتواصلة.

Continue Reading

اقتصاد

إرتفاع أسعار اللحوم في أميركا

Published

on

ارتفعت أسعار اللحم البقري إلى مستويات قياسية في الولايات المتّحدة الأميركيّة، حيث بلغ متوسط سعر رطل اللحم المفروم 6.12 دولار، بزيادة 12 بالمئة عن العام الماضي.

كذلك، ارتفعت أسعار كافة شرائح اللحم البقري غير المطهية بنسبة 8 بالمئة.

Continue Reading

اقتصاد

المالية تحوّل أكثر من 5800 مليار ليرة للضمان الاجتماعي

Published

on

أعلنت وزارة المالية، في بيان، انها “بصدد تحويل مساهمة مالية للصندوق الوطني الضمان الاجتماعي بقيمة ٥،٨٢٤،٩٤٢،٦١١،٠٠٠ خمسة آلاف وثمانمئة واربعة وعشرون ملياراً وتسعماية وأثنان وأربعون مليون وستماية وأحد عشر ألف ليرة لبنانية، من موازنة العام ٢٠٢٥ مخصصة بمجملها للمرض والأمومة، بعدما سلكت آلياتها المطلوبة عبر موافقة ديوان المحاسبة.

Continue Reading

Trending