Connect with us

مجتمع

من وهران إلى لبنان: تكريم مبادرة شبكة “إيناس” كمنصة للتضامن العربي الأكاديمي والإعلامي

Published

on


في مدينة وهران الجزائرية، اجتمع نخبة من الأكاديميين في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية (كراسك) لتكريم وتثمين مبادرة “قوتنا بوحدتنا”، التي أطلقتها الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية استجابة للحرب الإسرائيلية الوحشية على لبنان. جاء هذا اللقاء ليؤكد أن التضامن الإنساني يتجاوز الجغرافيا والهويات الضيقة، ويثبت أن العمل الأكاديمي والإعلامي يمكن أن يكون قوة محورية في مواجهة الأزمات الإنسانية.
أشارت البروفسورة ماريز يونس مؤسسة المبادرة ورئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات، إلى أن المبادرة التي اطلقتها الشبكة خلال الأشهر الثلاثة الماضية أتت استجابة لتحديات الحرب على لبنان بهدف تثمين المبادرات التضامنية الوطنية التي غلبت المشهد اللبناني وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين اللبنانيين والتشجيع لتكريسها في لبنان ما بعد الحرب، معتبرة أن الشبكة “إيناس” وجدت في المبادرات التضامنية لدى الشباب والنساء والمجتمع الاهلي والمدني فرصة لتجاوز انقسامات اللبنانيين واختلافاتهم، وبارقة مشرقة لبناء عقد جديد يقوم على هذه الارادة الانسانية الطوعية الوطنية التي اخترقت الاختلافات والانتماءات الضيقة.
المبادرة تكونت من “اذرع ثلاثة” كما أوضحت يونس هي (الإنسانية، الإعلامية، والأكاديمية).
الحراك الأكاديمي بحسب يونس، شكل المحرك الأساس للمبادرة نظرا لهوية الشبكة “إيناس” كمنصة اكاديمية تجمع المؤسسات البحثية عربيًا وعالميًا. لكنه في الوقت نفسه شكل ثلاثية متكاملة مع الإعلام والعمل الإنساني. حيث أطلقت الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية (إيناس) بالتوازي مع الذراع الانساني والاعلامي، ذراعا أكاديميا تمثل في سلسلة نقاشات علمية شكلت مساحة لتبادل الرؤى حول الحروب الجديدة. تناولت النقاشات ثلاثة موضوعات أساسية للنقاش، الأل، المدنيون كأدوات الحروب الجديدة، العرب وخطاب الضحية، المثقف العربي ودوره ومسؤوليته المعرفية والأخلاقية في الأزمات الاقليمية والعالمية الكبرى. أهمية هذه النقاشات أنها تجاوزت موضوع العدوان على لبنان وكانت بمشاركة واسعة من باحثين من العالم العربي وربطت تجربته بتجارب أخرى في غزة والمنطقة، مما أتاح فهمًا أعمق للتحولات الراهنة.
على صعيد توحيد الصفوف الأكاديمية العربية، دعت المبادرة لإعادة التفكير في دور المثقف العربي في عالم تتزايد فيه التحديات. فلم تكتف بتقديم نقاشات نظرية، بل سعت إلى

تعزيز الحوار المعرفي العربي بين الباحثين ودعتهم لاستمرار التداول لمناقشة القضايا المشتركةفي المنطقة.تتوجت منصة النقاش بتقارير علمية لخلاصات المداخلات التي شكلت مداخلا عملية للفهم والتصدي والتحليل والبحث العلمي مستقبلا.
ثانيا، أوضحت أن الإعلام كان شريكًا رئيسيًا في نجاح المبادرة، حيث لعب دورًا محوريًا في إيصال صوت لبنان إلى العالم العربي وخارجه. لم يكن مجرد ناقل للأحداث، بل كان أداة لتعزيز الوحدة الوطنية وتسليط الضوء على القيم الانسانية اللبنانية الذي ساهم في إظهار الوجه الحقيقي للبنان في العالم العربي، ليس كبلد ممزق بالانقسامات، بل كوطن قادر على التضامن في أصعب الظروف”.
وحول البرنامج التلفزيوني “قوتنا بوحدتنا” تقول “أن الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية اختارت قناة مريم كمنصة تعكس الالتزام ورسالة الإعلام المسؤول، ركزنا على توثيق قصص النازحين والمبادرين والمتطوعين وتسليط الضوء على الجهود التي بذلت لتخفيف معاناة المتضررين من العدوان”. وتضيف “أتى اختيار قناة مريم رمزيًا، لما تمثله من منصة وطنية غير منحازة استطاعت أن تعكس الروح الجامعة للمبادرة بتعاون كبير واستثنائي من قبل مدير برمجها الاستاذ جورج معلولي”. هذا البرنامج، بحسب يونس، كان منصة لإبراز القيم الإنسانية وإظهار أن التضامن الوطني يمكن أن يكون أقوى من أي خطاب سياسي منقسم خلال الأزمات”.
وأشارت يونس الى ان “التأثير الإعلامي لم يقتصر على لبنان، بل امتد إلى العالم العربي. تعاونت الشبكة “إيناس” مع منصات إعلامية في الجزائر مع جريدة الوسط، في التي فتحت أبوابها لحراك أكاديمي وإعلامي مشترك بقيادة الدكتور جيلالي المستاري، حيث قدمت منصتها للنقاش والتحليل حول الأبعاد المختلفة للأزمة اللبنانية والعلاقات الجزائرية التضامنية المشتركة، مما أضفى طابعًا عربيًا جامعًا على المبادرة.” كما أطلقت الإذاعة الثقافية التونسية ندوة معرفية استضافت نخبة من الأكاديميين من المنطقة والعالم بقيادة الدكتور عبد الحميد عبيدي. كانت هذه الندوة بمثابة مساحة فكرية لتبادل الرؤى وطرح مقاربات جديدة حول الحروب الجديدة.
بدورها، تعاونت الشبكة مع قناة القاهرة الإخبارية لتأمين تغطية متواصلة سلطت الضوء على قضايا لبنان الإنسانية، مركزة على أبعاد العدوان الإسرائيلي وتأثيره على المدنيين وظروف معاناة النازحين وحاجاتهم، وكان لها دور كبير في تعزيز الرأي العام الداعم للقضية اللبنانية.
على المستوى الأكاديمي والإعلامي، نظمت جمعية كتاب التنمية والبيئة المستدامة المصرية، بقيادة الدكتورة ناهد الرواس والدكتور محمود علام، ندوة إعلامية وأكاديمية لتوثيق انتهاكات التراث والعدوان الهمجي على آثار لبنان. سلطت هذه الندوة الضوء على البعد الثقافي، البيئي والإنساني للأزمة، مؤكدة أهمية حماية التراث كمكون أساسي للهوية الثقافية.
كما رافقت المحطات التلفزيونية اللبنانية والعربية المبادرة مثل تلفزيون الغد، وOTV، وأوربت، وتلفزيون لبنان إضافة الى قناة مريم. هذه المنصات عملت على إيصال صوت لبنان إلى العالم العربي، من خلال التغطيات المستمرة والبرامج التي أبرزت العمل الإنساني والمبادرات الوطنية التي قدمها اللبنانيون في ظل العدوان.
على مستوى المواقع الإلكترونية، تشير د. يونس الى الشبكة الاعلامية “m news.press” كإحدى الشركاء الأساسيين لمبادرة “قوتنا بوحدتنا”، حيث لعبت دورًا رياديًا في تحقيق أهداف المبادرة وتوسيع نطاق تأثيرها. تحت قيادة مديرها الأستاذ طلال مرتضى، استطاعت الشبكة أن تتجاوز دور التغطية الإخبارية التقليدية لتؤسس شبكة من المواقع الصديقة التي رافقت المبادرة في جميع مراحلها.
وفي خطوة إضافية نحو تعميق التشبيك الإعلامي، انضمت الوكالة الكندية للأخبار، بالتنسيق مع الأستاذ فتحي الضبع من مصر، إلى هذا الجهد الجماعي، حيث أسهمت في تعزيز البعد الإقليمي والدولي للمبادرة. هذا التعاون الإعلامي، الذي جمع بين مواقع إلكترونية محلية ودولية، شكّل نموذجًا ناجحًا لدور الإعلام في خدمة القضايا الإنسانية والوطنية، حيث لم يكن مجرد أداة للنشر بل قوة دفع لتعزيز التضامن وتوسيع نطاق التأثير، مؤكدًا على أهمية الإعلام كشريك استراتيجي في تحقيق أهداف المبادرات الكبرى.
أخيرا، أشارت د. ماريز الى أن لقاء وهران – الجزائر، لم يكن مجرد احتفاء بإنجازات المبادرة، بل كان دعوة للتفكير في الخطوات القادمة، في كيفية مواصلة العمل المشترك وتعزيزه، ليس فقط كعمل أكاديمي ومعرفي، بل التزاما بقيم العدالة الاجتماعية التي تعتبر من أهم القيم التي تشكل بروفايل الباحثين وتمثل هويتهم “كمثقفين”.
وختمت يونس مؤكدة على أن المبادرة هي مسار طويل من العمل المشتركـ لم تنته بوقف الحرب على لبنان. فمبادرة “قوتنا بوحدتنا” مستمرة للتأكيد على أن القيم الإنسانية هي الرابط الذي يجمعنا جميعًا، وأن التضامن ليس خيارًا، بل هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتقنا جميعا. ووجهت شكر خاص لأعضاء الفريق المصغر في المبادرة الذي تفانى في العمل من أجل انجاحها وخصوصا د. جيلالي المستاري من الجزائر، د. عبد الحميد عبيدي من تونس، واستاذ محمد زهوة والاستاذة نور ابراهيم واستاذه فاطمة المحمودي من لبنان واستاذ ابراهيم أخضر من لبنان، ولجميع الأكاديميين والاعلاميين والناشطين الذين رافقوا المبادرة وأثبتوا أن القوة تكمن دوما في الاتحاد.

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

مجتمع

يان صادر عن آل ناصرالدين

Published

on

بقلوبٍ دامية، وعيونٍ لا تكفّ عن البكاء، ووجدانٍ ما زال يرفض التصديق، سبق ونعينا إلى الوطن، إلى الإنسان، إلى الضمير، فلذة كبدنا، ابننا الشاب المغدور سالم الذي أُرديَ برصاصةٍ غادرة اخترقت صدره النابض بالحياة، وقضت على روحه التي لم تعرف يوماً إلا الخير، والكرامة، وخدمة الناس.
لقد خُطف من بيننا شابٌ استثنائي، لم يكن كغيره، فقد جعل من وجعه جسراً يعبر عليه الفقراء نحو العلاج، ومن جيبه الملآن بالنية الطيبة صيدليةً للمرضى الذين أغلقت الأبواب في وجوههم. لم يكن يتقن فن التمييز، ولا يعترف بجدران الطوائف والمذاهب، بل كان يرى الناس بعينٍ واحدة.. عين الإنسانية.
كان يجوب القرى، القريبة والبعيدة، يوزّع الدواء، ويطبطب على أوجاع البؤساء، ويجمع التبرعات لتأمين أسرّة المستشفيات لمن لا سند لهم إلا الله. لم يكن يعمل في الظل، بل كان ضوءًا في ليل الحاجة، ورفيقًا في درب اليأس، وممرّضاً بروح ملاك.
وها هو اليوم يُقتل بدمٍ بارد، وتُنتزع من بيننا زهرةٌ في ربيعها، من دون أن نعلم بعد من اغتال هذا النور، ومن أمر بموته، أو تواطأ على إسكات صوته الذي لم يعرف إلا الدعاء والبذل.

إنّنا، نحن عائلته ناصرالدين المكلومة، نُعلن بوضوح لا لبس فيه:
نرفض رفضاً قاطعاً أن يكون دم ابننا فتنة بين قرانا، أو وقوداً لنزاعٍ لا يشبه حياته ولا رسالته. لن نسمح لأحد أن يتخذ من مصابنا منصةً للثأر أو الاستثمار أو التحريض. لقد كان ابننا صوت محبة، ولن نرضى أن يُستبدل صداه بنداء كراهية.
وفي الوقت عينه، نرفض أن تُميّع القضية، أو يُغلق الملف تحت ذرائع باطلة أو حسابات ضيقة. إنّ دم سالم أمانة في رقاب الجميع، ولن نتهاون في المطالبة بالحقيقة، ولن نقبل إلا بعدالة كاملة، لا تأخذها في الحق لومة لائم.
نُخاطب المعنيين، وأصحاب القرار، وكل من في موقع مسؤولية. لا تجربوا صبرنا. إننا نؤمن بالدولة، وبالقضاء، وبسيادة القانون، وسنقف حيث يجب أن نقف، ولكن على الدولة أن تقف أيضاً حيث يجب، وتحمي دماء أبنائنا من أن تُهدر أو تُنسى.
دم ابننا ليس تفصيلاً، ولا رقماً في سجل. إنّه حياةٌ خُطفت، وحقٌ يجب أن يُعاد. ننتظر كلمة التحقيق، ونترقّب عدالةً نأمل ان لا تتأخر، وان لا ترتجف أمام نفوذٍ أو سطوة.

ليعلم الجميع لم ولن ندفن مع سالم الحقيقة. هذا بياننا الاول وللحديث بقية.

الرحمة لروحه، والعدل لوطنٍ لا قيام له إن ضاعت فيه دماء الأبرياء.

ال ناصرالدين
القماطية

Continue Reading

مجتمع

شركة IDM ووزارة الشؤون الاجتماعية تطلقان مبادرة “إنترنت للكلّ”

Published

on

أطلقت شركة IDM، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، مبادرة “إنترنت للكلّ” لتوفير خدمات الإنترنت المنخفضة الكلفة للأشخاص ذوي الإعاقة.
انعقد الاحتفال في وزارة الشؤون الاجتماعية في بيروت يوم الثلاثاء الواقع في 10 حزيران 2025 برعاية وحضور السيدة حنين السيد وزيرة الشؤون الاجتماعية، والسيد مارون شمّاس رئيس مجلس إدارة شركة IDM ، والسيدة رنا زخّور، المديرة العامة لشركة IDM، إضافة إلى كبار الموظفين في وزارة الشؤون الاجتماعية وكوادر وممثلين عن شركة. IDM وقد حضر كذلك ممثلون عن الجمعيات الأهلية، وفعاليات اجتماعية، وحشد من الإعلاميين وممثلي وسائل الإعلام في لبنان.
في هذه المناسبة، ألقت السيدة حنين السيد، وزيرة الشؤون الاجتماعية، كلمة اعتبرت فيها أنّ الوزارة تعتمد رؤية حقوقية جديدة لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، تقوم على الانتقال من الدعم التقليدي إلى التمكين الفعلي، وإزالة كافة الحواجز التي تعيق مشاركتهم في المجتمع. وشرحت أنّ الوزارة باشرت بخطوات عديدة في هذا الاتجاه، أبرزها إعادة انتخاب الهيئة الوطنية لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، وتطوير برنامج البدل النقدي ليشمل أكثر من 20 ألف مستفيد، بالإضافة إلى تعزيز الوصول إلى الخدمات الصحية، كما وضمان المشاركة السياسية. وشددت الوزيرة السيد على أهمية الإدماج الرقمي، معتبرة إيّاه ضرورة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. واختتمت الوزيرة كلمتها بشكر شركة IDM على هذه المبادرة المهمة، مؤكدةً استمرار التزام الوزارة ببناء لبنان أكثر عدالةً وإنصافًا وشمولاً لجميع أبنائه.
من جهته، ألقى السيد مارون شمّاس، رئيس مجلس إدارة شركة IDM ، كلمة شدّد فيها على “التزام الشركة الراسخ بتأمين إنترنت سريع وشرعي وبأسعار تنافسية لجميع المواطنين.” وشرح أنّه، “منذ بدايات الشركة في التسعينيات، كانت إتاحة الإنترنت للجميع في صلب رؤيتها ومهمّتها”. واعتبر شمّاس أنّ “الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يملكون دورًا فاعلًا في بناء الوطن، مهما كانت التحديات التي يواجهونها. كما وأنّ وصولهم الكامل إلى الإنترنت هو واجب وطني، خصوصًا في عصر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا اللذان يساعدان الأفراد على تخطّي الصعوبات.” وأوضح أنّ “الدولة لا يمكنها أن تقدّم خدمات فعليّة من دون إنترنت سريع ومتاح للجميع.” وأضاف شمّاس أنّ خدمة الانترنت السريعة عبر الألياف البصرية ليست فقط للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة بل لكلّ مواطن لبناني.” واختتم كلامه بالتشديد على أنّ “توسيع هذه الخدمة لا يمكن أن يتمّ من دون تنفيذ شامل لشبكة الألياف البصرية، ولا سيما في المناطق التي ما زالت تعاني من غياب هذه البنية التحتية.” وأكّد على التزام IDM بهذه المبادرة كخطوة نحو مجتمع أكثر شمولاً وعدالة.”
تشكّل خدمة “انترنت للكلّ” الجديدة خطوة سبّاقة في لبنان، إذ إنها من اهم المبادرات التي تهدف إلى توفير خدمات الإنترنت للأشخاص ذوي الإعاقة. تشمل الخدمة الجديدة خيارات متعددة تتناسب مع احتياجات مختلف المستخدمين. كما أنّ المشتركين سيحصلون على الشهر الأول من الخدمة مجاناً، مع إجراءات التفعيل والتشغيل كاملةً دون أي تكلفة إضافية، بالإضافة إلى تقديم مودم لاسلكي مجاني، ودعم تقني متخصص على مدار الساعة وباقات اشتراك شهريّة مخفّضة.
إنّ هذا العرض الجديد متاح للأشخاص ذوي الإعاقة عبر تقديم طلب الاشتراك مرفق بنسخة عن بطاقة الإعاقة (الصالحة) الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية، مع الإشارة إلى أن صلاحية العرض تمتد حتى نهاية العام 2025. كما وستتعاون شركة IDM مع الوزارة لتنظيم حملات توعية مشتركة لتعريف الأفراد بكافة تفاصيل المبادرة وآلية الاستفادة منها. للاشتراك بهذا العرض، يمكن الاتصال بشركة IDM على الرقم 1282 أو زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بها.

نبذة عن شركة IDM: تُعد شركة IDM من أوائل مزوّدي خدمات الإنترنت في لبنان، حيث تأسست عام 1995 وأسهمت في إدخال أحدث تقنيات الاتصال الرقمي السلكي واللاسلكي إلى السوق المحلي. وقد استحصلت الشركة على كافة التراخيص اللازمة من وزارة الاتصالات، حيث تغطي خدماتها كافة الأراضي اللبنانية. وتتميّز IDM بتقديم حلول متطورة تشمل الإنترنت السريع ADSL عبر خطوط الهاتف الأرضي بسرعات تتراوح ما بين 4 و50 ميغابت/ثانية، وخدمة VDSL بسرعات تتراوح ما بين 40 و100 ميغابت/ثانية، وخدمة الألياف الضوئية FIBER بسرعات تصل إلى 300 ميغابت/ثانية في المناطق المجهزة، بالإضافة إلى حلول مخصصة للشركات والمرافق العامة. تلتزم الشركة بتقديم خدمة إنترنت موثوقة وآمنة ودعم فني متواصل على مدار الساعة لخدمة زبائنها من الشركات والأفراد.

Continue Reading

مجتمع

بنت الأصول: حين يُجلد الجسد وتُحاكم الحياة

Published

on

أ.د ماريز يونس
حين تنتهي من قراءة “بنت الأصول” لجورج معلولي، لا تخرج منها كما دخلت. فهي ليست مجرد رواية عن فتاة مجهولة النسب تُدعى ناديا، بل صدمة أدبية – اجتماعية تضع القارئ في مواجهة مرآته الأخلاقية، وتعيد طرح سؤال شديد القسوة: من نصّب المجتمع قاضياً أعلى للأخلاق، ومن منحه هذا الحق لجلد الضعفاء؟ ناديا، في سردها، ليست شخصية روائية بقدر ما هي نموذج حيّ لكل من سقط عليه عنف الوصمة، وعاش حياة كاملة يدافع فيها عن حقه في الوجود، لا لأنه اقترف ذنباً، بل لأنه وُلد خارج “الشرعية” التي قرّرها الآخرون.
يحضر بقوة في هذه الرواية مفهوم “الوصمة” كما صاغه إرفينغ غوفمان، الذي اعتبر أن المجتمع يُنتج الهويات المرفوضة عبر تصنيف الأفراد بناءً على صفات يعتبرها غير مقبولة أو مشينة، ثم يعيد إنتاج هذا الرفض اجتماعياً ونفسياً. ناديا في “بنت الأصول” تعيش هذا الجرح من لحظة إدراكها لاختلافها البيولوجي، حين وُصفت بأنها “بنت حرام”. هذه العبارة، في ظاهرها حكم أخلاقي، لكنها في جوهرها إعلان عن طرد رمزي من دائرة الانتماء، وفرض هوية مشروخة عليها طوال حياتها.
الوصمة هنا ليست سلوكًا فرديًا، بل نظام متكامل من التصورات والممارسات. المجتمع لا يعاقب ناديا لأنها سيئة، بل لأنها لا تناسب نموذج النقاء الذي يريد أن يراه في المرأة، تحديداً في جسدها، وفي نسبها، وفي صمتها. فالنظام الاجتماعي القائم على “المعايير المقبولة للهوية” ، يُخضع الفرد ويعاقبه إذا لم ينطبق عليه النموذج. وهكذا، تجد ناديا نفسها محاصرة بين نظرة المجتمع وبين حاجتها لأن تحيا ببساطة دون تفسير دائم لوجودها.
الرواية تُبرز التناقض الصارخ بين ما يُقال عن الشرف وما يُمارس باسمه. ناديا تتعرض للاستغلال، وللإقصاء من أفراد ينتمون إلى ذات المجتمع الذي يتغنى بالشرف، بينما يتغاضى عن جرائم حقيقية ترتكبها ذات السلطة الأخلاقية المزعومة. هذا ما تسميه نانسي فريزر بـ “الازدواجية المؤسساتية”، حيث يتم استخدام قيم كالكرامة والعفة لقمع فئات معينة، في حين يُعفى أصحاب النفوذ من أي محاسبة.
القسوة التي تعرضت لها ناديا، من المحيطين بها، تكشف كيف يمكن للمجتمع أن يصنع قبحه في أبسط تفاصيله اليومية. عبارة مثل “يلعن الساعة اللي جبناك من الميتم”، لا تأتي فقط من عاطفة مضطربة، بل من بنية ثقافية ترى في الطفل المُتبنّى مشروع نقص، لا مشروع إنسان. إنها الثقافة التي تشترط الولادة في حضن شرعي كي تمنح الكرامة، والتي ترى الحب المشروط أفضل من العدل المطلق.
هنا تُبين الرواية سيكولوجيا متناقضة: الأهل يحبون ناديا، لكنهم في لحظة انفعال أو حرج اجتماعي يُسقطون عليها كل عقدهم. إنها ليست فقط ضحية جهل المجتمع، بل ضحية هشاشة الحب الذي يُشترط له صك شرعي. وهنا يتجلى العنف الرمزي بمختلف صوره المباشرة وغير المباشرة، فيتتسلل عبر اللغة، والنظرة، والصمت، والاتهام الضمني.
وما يُعمّق من جمالية الرواية ويفجّر بعدها الإنساني، ليس فقط شخصية ناديا بحدّ ذاتها، بل عدسة الراوي – أمير، الذي لم يكن شقيقها في الدم، لكنه كان الشاهد الأقرب على نزيفها. هو ليس مجرد راوٍ يحكي قصتها، بل هو الذي احتضنها من الطفولة حتى الانهيار، وتحمّل موجات غضبها القاسي، ذلك الغضب الذي لم يكن موجهًا ضده شخصيًا بقدر ما كان صدى لسنوات من الشعور بالرفض والتشكيك والوحدة. أمير، بهذا المعنى، لا يروي فقط من الخارج، بل من الداخل المتشظي، من موقع المحبّ الذي أُقصي، ثم عاد، ثم أعاد تشكيل علاقته معها على أساس الفهم لا المطالبة، وعلى أساس الحنان لا المطابقة.
تشير دراسات العلاقة بين الأخوة غير البيولوجيين إلى ما يُعرف بـ”الانتماء العاطفي البديل”، وهو شكل من أشكال الارتباط الذي لا يقوم على رابطة الدم بل على الامتصاص الطويل للألم المشترك. أمير لم يكن شقيق ناديا في الهوية الوراثية، لكنه كان مستوعب جروحها، وحامل روايتها التي لم تكتبها، ولم تُفصح عنها، لأنه الوحيد الذي قرأ وراء كلماتها الجارحة، وعرف أن قسوتها لم تكن سوى شكلٍ متطرّف من الدفاع عن النفس أو ما يعرف بـ”عدوان النجاة”، حين تؤذي كي لا تُؤذى أو حين تصرخ لتمنع السقوط.
الرواية تُظهر كيف يمكن للإنسان أن يتحول إلى جلاد ذاته. ناديا في تراكُم صدماتها وفشلها العاطفي، خاصة في زواجيها، تتحول أحيانًا إلى شخصية فظة، لئيمة، هجومية، لا تميّز بين من أحبها ومن خذلها، كأنها ألغت منطقة التدرّج بين العدوّ والصديق. وهذا السلوك مألوف في في مسار الصدمات النفسية والاجتماعية، فيحدث نوعا من “التشويش العاطفي ما بعد الإقصاء”، حيث تصبح كل العلاقات مشبوهة في عين الضحية، وكل اقتراب يبدو محاولة للهيمنة، وكل محبة مشروع خيانة مؤجلة.
وأمير، على الرغم من كل هذه الانفعالات المتفجّرة، لم يتراجع. ظلّ الشقيق الذي لم تنجبه الأم، لكنه وُلد من وجع ناديا نفسه. ولأنه لم يكن يُطالبها بأي شكل من الامتنان، بل فقط بالصمود، أصبح وحده الإنسان الذي ارتاحت إليه في النهاية. كأنها أعادت ترتيب من يستحق البقاء حولها ليس على أساس النسب، بل على أساس من وقف معها وهي تسقط، ولم يغادر حين طردته بالكلمات. وهنا يتحول أمير، لا إلى راوٍ فقط، بل إلى شاهدٍ ومشاركٍ وصاحب قضية – الرواية، في النهاية، هي روايته أيضًا، لأنه اختار أن يحمل وجعها بدلًا منها، حين لم تعد تملك لغة لتشرحه.
وهذا ما يجعل من بنت الأصول عملًا مزدوج الطبقة: رواية عن معذَّبة، ورواية عن من أحبها رغم كل محاولاتها لرفض الحب. وكأن الرسالة الأعمق في النص، أن الانتماء الحقيقي لا يُصاغ بالدم، بل بالتماس الحميم مع هشاشة الآخر، والقدرة على البقاء رغم الجراح المفتوحة.
بنت الأصول، لا تحاكي الضحية فقط، بل تكشف زيف البطولة الاجتماعية. تُظهر كيف يمكن للمجتمع أن يرفع شعارات العدل على منصات الولاءات والانتماءات الطائفية، لكنه لا يملك عدالة لناديا. هذا هو التناقض الذي يُحيل القيم إلى أدوات سلطوية، والشرف إلى فخ يُنصب للضعفاء فقط.
تطرح الرواية في جوهرها سؤالًا أبعد من لبنان، وأقسى من الميتم: من يقرر من نكون؟ وهل يمكن أن ننجو بذاتنا حين تُصبح الهويات عبئًا لا نملك التخلص منه، والنجاة مشروعًا فرديًا محفوفًا بالخذلان؟ ناديا ليست فقط بطلة، بل هي مرايا ممزقة نحملها كلنا، ونخاف النظر فيها. إنها تُعرّي كل تلك اللحظات التي انحزنا فيها للعرف بدلًا من العدل، والتي صمتنا فيها أمام إهانة لأننا لم نكن نحن المستهدفين. إنها تضعنا أمام مسؤولية إعادة تعريف من نحن، وكيف نمنح القيمة، ولمن. وفي هذا، ربما، تبدأ أولى خطوات التحرر من مجتمعات نمت على جلد الضحية، وارتاحت في حضن الوصمة وبنت شرعيتها بتمجيد الجلاد.

Continue Reading

Trending